وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى شِيعَتِهِ فِي الْبِلَادِ يَدْعُوهُمْ إِلَى أَمْرِهِ، وَأَنَّ ظُهُورَهُ قَدْ قَرُبَ ; فَوَجَّهَ عَلِيُّ بْنُ الْمُعَلَّى إِلَى الشِّيعَةِ مِنْ أَهْلِ الْقَطِيفِ فَجَمَعَهُمْ، وَأَقْرَأَهُمُ الْكِتَابَ الَّذِي مَعَ يَحْيَى بْنِ الْمَهْدِيِّ إِلَيْهِمْ مِنَ الْمَهْدِيِّ، فَأَجَابُوهُ، وَأَنَّهُمْ خَارِجُونَ مَعَهُ إِذَا أَظْهَرَ أَمْرَهُ، وَوَجَّهَ إِلَى سَائِرِ قُرَى الْبَحْرَيْنِ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَأَجَابُوهُ.
وَكَانَ فِيمَنْ أَجَابَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْجَنَّابِيُّ، وَكَانَ يَبِيعُ لِلنَّاسِ الطَّعَامَ، وَيَحْسِبُ لَهُمْ بَيْعَهُمْ، ثُمَّ غَابَ عَنْهُمْ يَحْيَى بْنُ الْمَهْدِيِّ مُدَّةً، ثُمَّ رَجَعَ وَمَعَهُ كِتَابٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنَ الْمَهْدِيِّ إِلَى شِيعَتِهِ، فِيهِ: قَدْ عَرَّفَنِي رَسُولِي يَحْيَى بْنُ الْمَهْدِيِّ مُسَارَعَتَكُمْ إِلَى أَمْرِي، فَلْيَدْفَعْ إِلَيْهِ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ سِتَّةَ دَنَانِيرَ وَثُلُثَيْنِ ; فَفَعَلُوا ذَلِكَ.
ثُمَّ غَابَ عَنْهُمْ، وَعَادَ وَمَعَهُ كِتَابٌ فِيهِ أَنِ ادْفَعُوا إِلَى يَحْيَى خُمْسَ أَمْوَالِكُمْ، فَدَفَعُوا إِلَيْهِ الْخُمْسَ.
وَكَانَ يَحْيَى يَتَرَدَّدُ فِي قَبَائِلِ قَيْسٍ، وَيُورِدُ إِلَيْهِمْ كُتُبًا يَزْعُمُ أَنَّهَا مِنَ الْمَهْدِيِّ، وَأَنَّهُ ظَاهِرٌ، فَكُونُوا عَلَى أُهْبَةٍ.
وَحَكَى إِنْسَانٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ الصَّائِغُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ أَبِي سَعِيدٍ الْجَنَّابِيِّ، وَأَتَاهُ يَحْيَى، فَأَكَلُوا طَعَامًا، فَلَمَّا فَرَغُوا خَرَجَ أَبُو سَعِيدٍ مِنْ بَيْتِهِ، وَأَمَرَ امْرَأَتَهُ أَنْ تَدْخُلَ إِلَى يَحْيَى، وَأَنْ لَا تَمْنَعَهُ إِنْ أَرَادَ، فَانْتَهَى هَذَا الْخَبَرُ إِلَى الْوَالِي، فَأَخَذَ يَحْيَى فَضَرَبَهُ، وَحَلَقَ رَأْسَهُ، وَلِحْيَتَهُ، وَهَرَبَ أَبُو سَعِيدٍ الْجَنَّابِيُّ إِلَى جَنَّابَا، وَسَارَ يَحْيَى بْنُ الْمَهْدِيِّ إِلَى بَنِي كِلَابٍ، وَعُقَيْلٍ، وَالْخَرِيسِ، فَاجْتَمَعُوا مَعَهُ وَمَعَ أَبِي سَعِيدٍ، فَعَظُمَ أَمْرُ أَبِي سَعِيدٍ، وَكَانَ مِنْهُ مَا يَأْتِي ذِكْرُهُ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
(وَفِيهَا سَارَ الْمُعْتَضِدُ مِنْ آمِدَ بَعْدَ أَنْ مَلَكَهَا، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، إِلَى الرَّقَّةِ، فَوَلَّى ابْنَهُ عَلِيًّا الْمُكْتَفِيَ قِنَّسْرِينَ، وَالْعَوَاصِمَ، وَالْجَزِيرَةَ، وَكَاتِبَهُ النَّصْرَانِيَّ، وَاسْمُهُ الْحُسَيْنُ بْنُ عَمْرٍو، فَكَانَ يَنْظُرُ فِي الْأَمْوَالِ، فَقَالَ الْخَلِيعُ فِي ذَلِكَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute