للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَتَتْهُ الْعُيُونُ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ وَصِيفًا يُرِيدُ عَيْنَ زَرْبَةَ، فَسَأَلَ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ الطَّرِيقِ، وَسَأَلَهُمْ عَنْ أَقْرَبِ الطُّرُقِ إِلَى لِقَاءِ وَصَيْفٍ، فَأَخَذُوهُ وَسَارُوا بِهِ نَحْوَهُ، وَقَدَّمَ جَمْعًا مِنْ عَسْكَرِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَقُوا وَصِيفًا فَقَاتَلُوهُ، وَأَخَذُوهُ أَسِيرًا، فَأَحْضَرُوهُ عِنْدَ الْمُعْتَضِدِ فَحَبَسَهُ، وَأَمَرَ فَنُودِيَ فِي أَصْحَابِ وَصَيْفٍ بِالْأَمَانِ، وَأَمَرَ الْعَسْكَرَ بِرَدِّ مَا نَهَبُوهُ مِنْهُمْ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ.

وَكَانَتِ الْوَقْعَةُ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ بَقِيَتْ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ ; فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ رَحَلَ إِلَى الْمِصِّيصَةِ، وَأَحْضَرَ رُؤَسَاءَ طَرَسُوسَ فَقَبَضَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ كَاتَبُوا وَصِيفًا، وَأَمَرَ بِإِحْرَاقِ مَرَاكِبِ طَرَسُوسَ الَّتِي كَانُوا يَغْزُونَ فِيهَا، وَجَمِيعَ آلَاتِهَا، وَكَانَ مِنْ جُمْلَتِهَا نَحْوٌ مِنْ خَمْسِينَ مَرْكَبًا قَدِيمَةً، قَدْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنَ الْأَمْوَالِ مَا لَا يُحْصَى، وَلَا يُمْكِنُ عَمَلُ مِثْلِهَا، فَأَضَرَّ ذَلِكَ بِالْمُسْلِمِينَ، وَفَتَّ فِي أَعَضَادِهِمْ، وَ [قَوِيَ] أَمْرُ الرُّومِ أَنْ يَغْزُوَ فِي الْبَحْرِ، وَكَانَ إِحْرَاقُهَا بِإِشَارَةِ دُمْيَانَةَ غُلَامِ يَازْمَانَ لِشَيْءٍ كَانَ فِي نَفْسِهِ عَلَى أَهْلِ طَرَسُوسَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى أَهْلِ الثُّغُورِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ كَوْرَةَ.

وَسَارَ الْمُعْتَضِدُ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ وَحَلَبَ وَغَيْرِهِمَا، وَعَادَ إِلَى بَغْدَاذَ.

(وَفِيهَا تُوُفِّيَتِ ابْنَةُ خُمَارَوَيْهِ زَوْجُ الْمُعْتَضِدِ) .

ذِكْرُ أَمْرِ الْقَرَامِطَةِ، وَانْهِزَامِ الْعَبَّاسِ الْغَنَوِيِّ مِنْهُمْ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ، عَظُمَ أَمْرُ الْقَرَامِطَةِ بِالْبَحْرَيْنِ، وَأَغَارُوا عَلَى نَوَاحِي هَجَرَ، وَقَرُبَ بَعْضُهُمْ مِنْ نَوَاحِي الْبَصْرَةِ، فَكَتَبَ أَحْمَدُ الْوَاثِقِيُّ يَسْأَلُ الْمَدَدَ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِ سُمَيْرِيَّاتٍ فِيهَا ثَلَاثُمِائَةِ رَجُلٍ، وَأَمَرَ الْمُعْتَضِدُ بِاخْتِيَارِ رَجُلٍ يُنْفِذُهُ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَعَزَلَ الْعَبَّاسَ بْنَ عَمْرٍو الْغَنَوِيَّ عَنْ بِلَادِ فَارِسَ، وَأَقْطَعَهُ الْيَمَامَةَ وَالْبَحْرَيْنِ، وَأَمَرَهُ بِمُحَارَبَةِ الْقَرَامِطَةِ وَضَمَّ إِلَيْهِ زُهَاءَ أَلْفَيْ رَجُلٍ، فَسَارَ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الْمُتَطَوِّعَةِ وَالْجُنْدِ، وَالْخَدَمِ.

ثُمَّ سَارَ مِنْهَا إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الْجَنَّابِيِّ، فَلَقُوهُ مَسَاءً، وَتَنَاوَشُوا الْقِتَالَ، وَحَجَزَ بَيْنَهُمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>