وَفِيهَا، فِي شَوَّالٍ تَحَارَبَ الْقَرْمَطِيُّ صَاحِبُ الشَّامَةِ، وَبَدْرٌ مَوْلَى ابْنِ طُولُونَ، فَانْهَزَمَ الْقَرْمَطِيُّ، وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَمَضَى مَنْ سَلِمَ مِنْهُمْ نَحْوَ الْبَادِيَةِ. فَوَجَّهَ الْمُكْتَفِي فِي أَثَرِهِمُ الْحُسَيْنَ بْنَ حَمْدَانَ، وَغَيْرَهُ مِنَ الْقُوَّادِ.
وَفِيهَا كَبَسَ ابْنُ بَانْوَا أَمِيرُ الْبَحْرَيْنِ حِصْنًا لِلْقَرَامِطَةِ، فَظَفِرَ بِمَنْ فِيهِ، وَوَاقَعَ قَرَابَةَ أَبِي سَعِيدٍ الْجَنَّابِيِّ، فَهَزَمَهُ ابْنُ بَانْوَا، وَكَانَ مُقَامُ هَذَا الْقَرْمَطِيِّ بِالْقَطِيفِ، وَهُوَ وَلِيُّ عَهْدِ أَبِي سَعِيدٍ، ثُمَّ أَنَّهُ وُجِدَ بَعْدَمَا انْهَزَمَ أَصْحَابُهُ قَتِيلًا، فَأُخِذَ رَأْسُهُ، وَسَارَ ابْنُ بَانْوَا إِلَى الْقَطِيفِ، فَافْتَتَحَهَا.
ذِكْرُ أَسْرِ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ
وَفِيهَا أُخِذَ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ أَسِيرًا ; وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُكْتَفِيَ أَنْفَذَ عَهْدًا إِلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ السَّامَانِيِّ بِوِلَايَةِ الرَّيِّ، فَسَارَ إِلَيْهَا، وَبِهَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، فَسَارَ عَنْهَا مُحَمَّدٌ إِلَى قَزْوِينَ وَزَنْجَانَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى طَبَرِسْتَانَ، فَاسْتَعْمَلَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ عَلَى جُرْجَانَ بَارِسَ الْكَبِيرَ، وَأَلْزَمَهُ بِإِحْضَارِ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ قَسْرًا، أَوْ صُلْحًا، وَكَاتَبَهُ بَارِسُ، وَضَمِنَ لَهُ إِصْلَاحَ حَالِهِ مَعَ الْأَمِيرِ إِسْمَاعِيلَ، فَقَبِلَ مُحَمَّدٌ قَوْلَهُ، وَانْصَرَفَ عَنْ جُسْتَانَ الدَّيْلَمِيِّ، وَقَصَدَ بُخَارَى. فَلَمَّا بَلَغَ مَرْوَ قُيِّدَ بِهَا، وَذَلِكَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ. ثُمَّ حُمِلَ إِلَى بُخَارَى، فَأُدْخِلَهَا عَلَى جَمَلٍ وَحُبِسَ بِهَا، فَمَاتَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ مَحْبُوسًا.
وَكَانَ ابْتِدَاءُ أَمْرِهِ أَنَّهُ كَانَ خَيَّاطًا، ثُمَّ أَنَّهُ جَمَعَ جَمْعًا مِنَ الرَّعَاعِ، وَأَهْلِ الْفَسَادِ، فَقَطَعَ الطَّرِيقَ بِمَفَازَةِ سَرَخْسَ مُدَّةً. ثُمَّ اسْتَأْمَنَ إِلَى رَافِعِ بْنِ هَرْثَمَةَ، وَبَقِيَ مَعَهُ إِلَى أَنِ انْهَزَمَ عَمْرٌو الصَّفَّارُ، فَاسْتَأْمَنَ إِلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ السَّامَانِيِّ صَاحِبِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ، بَعْدَ قَتْلِ رَافِعٍ، فَسَيَّرَهُ إِسْمَاعِيلُ إِلَى قِتَالِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ الْخَوَافِيُّ فِي شِعْرِهِ فَقَالَ:
كَانَ أَبُو هَارُونَ خَيَّاطًا لَهُ ... إِبَرٌ وَرَايَةٌ سَامَهَا عَشْرًا بِقِيرَاطِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute