عَلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيدَوَيْهِ بِالْخُرُوجِ إِلَى سَمَرْقَنْدَ وَالْقَبْضِ عَلَى عَمِّهِ إِسْحَاقَ بْنِ أَحْمَدَ لِئَلَّا يَخْرُجَ عَلَيْهِ وَيَشْغَلَهُ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَاسْتَدْعَى عَمَّهُ إِلَى بُخَارَى، فَحَضَرَ فَاعْتَقَلَهُ بِهَا، ثُمَّ عَبَرَ إِلَى خُرَاسَانَ، فَلَمَّا وَرَدَ نَيْسَابُورَ هَرَبَ بَارِسُ الْكَبِيرُ مِنْ جُرْجَانَ إِلَى بَغْدَاذَ، خَوْفًا مِنْهُ.
وَكَانَ سَبَبُ خَوْفِهِ أَنَّ الْأَمِيرَ إِسْمَاعِيلَ كَانَ قَدِ اسْتَعْمَلَ ابْنَهُ أَحْمَدَ عَلَى جُرْجَانَ لَمَّا أَخَذَهَا مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، ثُمَّ عَزَلَهُ عَنْهَا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا بَارِسَ الْكَبِيرَ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، فَاجْتَمَعَ عِنْدَ بَارِسَ أَمْوَالٌ جَمَّةٌ مِنْ خَرَاجِ الرَّيِّ، وَطَبَرِسْتَانَ، وَجُرْجَانَ، فَبَلَغَتْ ثَمَانِينَ وِقْرًا، فَحَمَلَهَا إِلَى إِسْمَاعِيلَ، فَلَمَّا سَارَتْ عَنْهُ بَلَغَهُ خَبَرُ مَوْتِ إِسْمَاعِيلَ، فَرَدَّهَا وَأَخَذَهَا، فَلَمَّا سَارَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ خَافَهُ، وَكَتَبَ إِلَى الْمُكْتَفِي يَسْتَأْذِنُهُ فِي الْمَصِيرِ إِلَيْهِ، فَأَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَسَارَ إِلَيْهِ فِي أَرْبَعَةِ آلَافِ فَارِسٍ، فَأَرْسَلَ أَحْمَدُ خَلْفَهُ عَسْكَرًا، فَلَمْ يُدْرِكُوهُ، وَاجْتَازَ الرَّيَّ، فَتَحَصَّنَ بِهَا نَائِبُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، فَسَارَ (إِلَى بَغْدَاذَ) ، فَوَصَلَهَا وَقَدْ مَاتَ الْمُكْتَفِي، وَوَلِيَ الْمُقْتَدِرُ بَعْدَهُ، (فَأَعْجَبَهُ الْمُقْتَدِرُ) .
وَكَانَ وُصُولُهُ بَعْدَ حَادِثَةِ ابْنِ الْمُعْتَزِّ، فَسَيَّرَهُ الْمُقْتَدِرُ فِي عَسْكَرِهِ إِلَى بَنِي حَمْدَانَ وَوَلَّاهُ دِيَارَ رَبِيعَةَ، فَخَافَهُ أَصْحَابُ الْخَلِيفَةِ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِمْ، فَوَضَعُوا عَلَيْهِ غُلَامًا لَهُ فَسَمَّهُ فَمَاتَ، وَاسْتَوْلَى غُلَامُهُ عَلَى مَالِهِ، وَتَزَوَّجَ امْرَأَتَهُ، وَكَانَ مَوْتُهُ بِالْمَوْصِلِ.
ذِكْرُ وَفَاةِ الْمُكْتَفِي
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ تُوُفِّيَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمُكْتَفِي بِاللَّهِ (أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ الْمُعْتَضِدِ بِاللَّهِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ الْمُوَفَّقِ بْنِ الْمُتَوَكِّلِ) ، وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ سِتَّ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَكَانَ عُمْرُهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَقِيلَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَكَانَ رَبْعًا جَمِيلًا، رَقِيقَ الْبَشَرَةِ، حَسَنَ الشِّعْرِ، وَافِرَ اللِّحْيَةِ، (وَكُنْيَتُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute