أَبُو مُحَمَّدٍ) وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ تُرْكِيَّةٌ، اسْمُهَا جِيجَكْ، وَطَالَ عَلَيْهِ مَرَضُهُ عِدَّةَ شُهُورٍ، وَلَمَّا مَاتَ دُفِنَ بِدَارِ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ، (رَحِمَهُ اللَّهُ) .
ذِكْرُ خِلَافَةِ الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ
وَكَانَ السَّبَبُ فِي وِلَايَةِ الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ الْخِلَافَةَ، وَهُوَ أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرُ بْنُ الْمُعْتَضِدِ، أَنَّ الْمُكْتَفِيَ لَمَّا ثَقُلَ فِي مَرَضِهِ أَفْكَرَ الْوَزِيرُ حِينَئِذٍ، وَهُوَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْحَسَنِ، فِيمَنْ يَصْلُحُ لِلْخِلَافَةِ، وَكَانَ عَادَتُهُ أَنْ يُسَايِرَهُ، إِذَا رَكِبَ إِلَى دَارِ الْخِلَافَةِ، وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ الدَّوَاوِينَ، وَهُمْ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَأَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدَانَ، وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُرَاتِ، وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى، فَاسْتَشَارَ الْوَزِيرُ يَوْمًا مُحَمَّدَ بْنَ دَاوُدَ بْنِ الْجَرَّاحِ فِي ذَلِكَ، فَأَشَارَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُعْتَزِّ، وَوَصَفَهُ بِالْعَقْلِ وَالْأَدَبِ وَالرَّأْيِ، وَاسْتَشَارَ بَعْدَهُ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ الْفُرَاتِ، فَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتِي أُشِيرُ فِيهِ، وَإِنَّمَا أُشَاوِرُ فِي الْعُمَّالِ لَا فِي الْخُلَفَاءِ، فَغَضِبَ الْوَزِيرُ وَقَالَ: هَذِهِ مُقَاطَعَةٌ بَارِدَةٌ، وَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْكَ الصَّحِيحُ.
وَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ رَأْيُ الْوَزِيرِ قَدِ اسْتَقَرَّ عَلَى أَحَدٍ يُعَيِّنُهُ فَلْيَفْعَلْ، فَعَلِمَ أَنَّهُ عَنَى ابْنَ الْمُعْتَزِّ لِاشْتِهَارِ خَبَرِهِ، فَقَالَ الْوَزِيرُ: لَا أَقْنَعُ إِلَّا أَنْ تَمْحَضَنِي النَّصِيحَةَ. فَقَالَ ابْنُ الْفُرَاتِ: فَلْيَتَّقِ اللَّهَ الْوَزِيرُ، وَلَا يُنَصِّبْ إِلَّا مَنْ قَدْ عَرَفَهُ، وَاطَّلَعَ عَلَى جَمِيعِ أَحْوَالِهِ، وَلَا يُنَصِّبْ بَخِيلًا فَيُضَيِّقَ عَلَى النَّاسِ وَيَقْطَعَ أَرْزَاقَهُمْ، وَلَا طَمَّاعًا فَيَشْرَهَ فِي أَمْوَالِهِمْ، فَيُصَادِرَهُمْ وَيَأْخُذَ أَمْوَالَهُمْ وَأَمْلَاكَهُمْ، وَلَا قَلِيلَ الدِّينِ فَلَا يَخَافُ الْعُقُوبَةَ وَالْآثَامَ، وَيَرْجُو الثَّوَابَ فِيمَا يَفْعَلُهُ، وَلَا يُوَلِّ مَنْ عَرَفَ نِعْمَةَ هَذَا، وَبُسْتَانَ هَذَا، وَضَيْعَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute