للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وِلَايَتِهِ، وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْفَظَاظَةِ رِقَّةً وَرَأْفَةً، وَسَاسَهُمْ أَرَقَّ سِيَاسَةٍ، وَكَانَ حَرِيصًا عَلَى انْتِعَاشِ الضُّعَفَاءِ وَعِمَارَةِ الْبِلَادِ وَالْعَدْلِ، ثُمَّ هَلَكَ وَلَا وَلَدَ لَهُ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ، فَسَأَلُوا عَنْ نِسَائِهِ، فَذُكِرَ لَهُمْ أَنَّ بَعْضَهُنَّ حُبْلَى، وَقِيلَ: إِنَّ هُرْمُزَ كَانَ أَوْصَى بِالْمُلْكِ لِذَلِكَ الْحَمْلِ، وَوَلَدَتِ الْمَرْأَةُ سَابُورَ ذَا الْأَكْتَافِ.

وَكَانَ مُلْكُ هُرْمُزَ سِتَّ سِنِينَ وَخَمْسَةَ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ سَبْعَ سِنِينَ وَخَمْسَةَ أَشْهُرٍ.

وَأَسْمَاءُ الْمُلُوكِ مِنْ سَابُورَ بْنِ أَرْدَشِيرَ إِلَى هَاهُنَا لَمْ يُحْذَفْ مِنْهَا شَيْءٌ.

ذِكْرُ مُلْكِ ابْنِهِ سَابُورَ ذِي الْأَكْتَافِ

وَهُوَ سَابُورُ بْنُ هُرْمُزَ بْنِ نَرْسِي بْنِ بَهْرَامَ بْنِ هُرْمُزَ بْنِ سَابُورَ بْنِ أَرْدَشِيرَ بْنِ بَابَكَ، وَقِيلَ: مَلَكَ بِوَصِيَّةِ أَبِيهِ لَهُ، فَاسْتَبْشَرَ النَّاسُ بِوِلَادَتِهِ وَبَثُّوا خَبَرَهُ فِي الْآفَاقِ، وَتَقَلَّدَ الْوُزَرَاءُ وَالْكُتَّابُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَهُ فِي مُلْكِ أَبِيهِ.

وَسَمِعَ الْمُلُوكُ أَنَّ مَلِكَ الْفُرْسِ صَغِيرٌ فِي الْمَهْدِ، فَطَمِعَتْ فِي مَمْلَكَتِهِمُ التُّرْكُ وَالْعَرَبُ وَالرُّومُ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ أَقْرَبَ إِلَى بِلَادِ فَارِسَ، فَسَارَ جَمْعٌ عَظِيمٌ مِنْهُمْ فِي الْبَحْرِ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ وَالْبَحْرَيْنِ إِلَى بِلَادِ فَارِسَ وَسَوَاحِلِ أَرْدَشِيرَ خُرَّةَ، وَغَلَبُوا أَهْلَهَا عَلَى مَوَاشِيهِمْ وَمَعَايِشِهِمْ، وَأَكْثَرُوا الْفَسَادَ، وَغَلَبَتْ إِيَادُ عَلَى سَوَادِ الْعِرَاقِ وَأَكْثَرُوا الْفَسَادَ فِيهِمْ، فَمَكَثُوا حِينًا لَا يَغْزُوهُمْ أَحَدٌ مِنَ الْفُرْسِ لِصِغَرِ مَلِكِهِمْ.

فَلَمَّا تَرَعْرَعَ سَابُورُ وَكَبِرَ كَانَ أَوَّلَ مَا عُرِفَ مِنْ حُسْنِ فَهْمِهِ أَنَّهُ سَمِعَ فِي الْبَحْرِ ضَوْضَاءَ وَأَصْوَاتًا فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ: إِنَّ النَّاسَ يَزْدَحِمُونَ فِي الْجِسْرِ الَّذِي عَلَى دِجْلَةَ مُقْبِلِينَ وَمُدْبِرِينَ، فَأَمَرَ بِعَمَلِ جِسْرٍ آخَرَ يَكُونُ أَحَدُهُمَا لِلْمُقْبِلِينَ وَالْآخَرُ لِلْمُدْبِرِينَ، فَاسْتَبْشَرَ النَّاسُ بِذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>