الْعَهْدَ وَاللِّوَاءَ لَا بُدَّ أَنْ يَسِيرَ بِهِمَا بَعْضُ خَدَمِ الْخَلِيفَةِ، أَوْ بَعْضُ قُوَّادِهِ، فَعَلِمُوا صِدْقَهُ.
وَكَتَبَ ابْنُ الْفُرَاتِ إِلَى ابْنِ أَبِي السَّاجِ يُنْكِرُ عَلَيْهِ تَعَرُّضَهُ لِهَذِهِ الْبِلَادِ، وَكَذِبَهُ عَلَى الْوَزِيرِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى، وَجَهَّزَ الْعَسَاكِرَ لِمُحَارَبَتِهِ، وَكَانَ مَسِيرُ الْعَسَاكِرِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِمِائَةِ.
وَكَانَ الْمُقَدَّمَ عَلَى الْعَسْكَرِ خَاقَانُ الْمُفْلِحِيُّ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقُوَّادِ كَأَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ الْبَلْخِيِّ، وَسِيمَا الْجَزَرِيِّ، وَنِحْرِيرٍ الصَّغِيرِ، فَسَارُوا، وَلَقُوا يُوسُفَ، وَاقْتَتَلُوا، فَهَزَمَهُمْ يُوسُفُ، وَأَسَرَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً، وَأَدْخَلَهُمُ الرَّيَّ مَشْهُورِينَ عَلَى الْجِمَالِ، فَسَيَّرَ الْخَلِيفَةُ مُؤْنِسًا الْخَادِمَ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ إِلَى مُحَارَبَتِهِ، فَسَارَ، وَانْضَمَّ إِلَيْهِ الْعَسْكَرُ الَّذِي كَانَ مَعَ خَاقَانَ، فَصُرِفَ خَاقَانُ عَنْ أَعْمَالِ الْجَبَلِ، وَوَلِيَهَا نِحْرِيرٌ الصَّغِيرُ.
وَسَارَ مُؤْنِسٌ فَأَتَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَهُوَ أَخُو مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ صُعْلُوكٍ، مُسْتَأْمِنًا، فَأَكْرَمَهُ وَوَصَلَهُ، وَكَتَبَ ابْنُ أَبِي السَّاجِ يَسْأَلُ الرِّضَى، وَأَنْ يُقَاطِعَ عَلَى أَعْمَالِ الرَّيِّ وَمَا يَلِيهَا عَلَى سَبْعِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ لِبَيْتِ الْمَالِ، سِوَى مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْجُنْدُ وَغَيْرُهُمْ، فَلَمْ يُجِبْهُ الْمُقْتَدِرُ إِلَى ذَلِكَ، وَلَوْ بَذَلَ مِلْءَ الْأَرْضِ لَمَا أَقَرَّهُ عَلَى الرَّيِّ يَوْمًا وَاحِدًا لِإِقْدَامِهِ عَلَى التَّزْوِيرِ، فَلَمَّا عَرَفَ ابْنُ أَبِي السَّاجِ ذَلِكَ سَارَ عَنِ الرَّيِّ بَعْدَ أَنْ أَخْرَبَهَا، وَجَبَى خَرَاجَهَا فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ.
وَقَلَّدَ الْخَلِيفَةُ الرَّيَّ وَقَزْوِينَ وَأَبْهَرَ وَصِيفًا الْبُكْتُمْرِيَّ، وَطَلَبَ ابْنُ أَبِي السَّاجِ أَنْ يُقَاطِعَ عَلَى مَا كَانَ بِيَدِهِ مِنَ الْوِلَايَةِ، فَأَشَارَ ابْنُ الْفُرَاتِ بِإِجَابَتِهِ إِلَى ذَلِكَ، فَعَارَضَهُ نَصْرٌ الْحَاجِبُ، وَابْنُ الْحَوَارِيِّ، وَقَالَا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُجَابَ إِلَى ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَطَأَ الْبِسَاطَ.
وَنُسِبَ ابْنُ الْفُرَاتِ إِلَى مُوَاطَأَةِ ابْنِ أَبِي السَّاجِ وَالْمَيْلِ مَعَهُ، فَحَصَلَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ ابْنِ الْفُرَاتِ عَدَاوَةٌ، فَامْتَنَعَ الْمُقْتَدِرُ مِنْ إِجَابَتِهِ إِلَى ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَحْضُرَ فِي خِدْمَتِهِ بِنَفْسِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute