فَلَمَّا رَأَى يُوسُفُ أَنَّ دَمَهُ عَلَى خَطَرٍ إِنْ حَضَرَ لِخِدْمَتِهِ حَارَبَ مُؤْنِسًا، فَانْهَزَمَ مُؤْنِسٌ إِلَى زَنْجَانَ، وَقُتِلَ مِنْ قُوَّادِهِ سِيمَا بْنُ بُوَيْهِ، وَأُسِرَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ، فِيهِمْ هِلَالُ بْنُ بَدْرٍ، فَأَدْخَلَهُمْ أَرْدَبِيلَ مُشْتَهَرِينَ عَلَى الْجِمَالِ.
وَأَقَامَ مُؤْنِسٌ بِزَنْجَانَ يَجْمَعُ الْعَسَاكِرَ، وَيَسْتَمِدُّ الْخَلِيفَةَ، وَكَاتِبَهُ ابْنَ أَبِي السَّاجِ فِي الصُّلْحِ، وَتَرَاسَلَا فِي ذَلِكَ، وَكَتَبَ مُؤْنِسٌ إِلَى الْخَلِيفَةِ، فَلَمْ يُجِبْهُ إِلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَالْوَزِيرُ يَوْمَئِذٍ حَامِدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، اجْتَمَعَ لِمُؤْنِسٍ عَسْكَرٌ كَبِيرٌ، فَسَارَ إِلَى يُوسُفَ، فَتَوَاقَعَا عَلَى بَابِ أَرْدَبِيلَ، فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ يُوسُفَ، وَأُسِرَ يُوسُفُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَعَادَ بِهِمْ مُؤْنِسٌ إِلَى بَغْدَاذَ، فَدَخَلَهَا فِي الْمُحَرَّمِ أَيْضًا، وَأَدْخَلَ يُوسُفَ أَيْضًا بَغْدَاذَ مُشْتَهِرًا عَلَى جَمَلٍ، وَعَلَيْهِ بُرْنُسٌ بِأَذْنَابِ الثَّعَالِبِ، فَأُدْخِلَ إِلَى الْمُقْتَدِرِ، ثُمَّ حُبِسَ بِدَارِ الْخَلِيفَةِ عِنْدَ زَيْدَانَ الْقَهْرَمَانَةِ.
وَلَمَّا ظَفِرَ مُؤْنِسٌ بِابْنِ أَبِي السَّاجِ قَلَّدَ عَلِيَّ بْنَ وَهْسُوذَانَ أَعْمَالَ الرَّيِّ، وَدَنْبَاوَنْدَ، وَقَزْوِينَ، وَأَبْهَرَ، وَزَنْجَانَ، وَجَعَلَ أَمْوَالَهَا لِرِجَالِهِ، وَقَلَّدَ أَصْبَهَانَ، وَقُمَّ، وَقَاشَانَ، وَسَاوَةَ لِأَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ صُعْلُوكٍ، وَسَارَ عَنْ أَذْرَبِيجَانَ.
ذِكْرُ حَالِ هَذِهِ الْبِلَادِ بَعْدَ مَسِيرِ مُؤْنِسٍ
لَمَّا سَارَ مُؤْنِسٌ عَنْ أَذْرَبِيجَانَ إِلَى الْعِرَاقِ وَثَبَ سُبُكٌ غُلَامُ يُوسُفَ بْنِ أَبِي السَّاجِ عَلَى بِلَادِ أَذْرَبِيجَانَ، فَمَلَكَهَا، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ عَسْكَرٌ عَظِيمٌ، فَأَنْفَذَ إِلَيْهِ مُؤْنِسٌ مُحَمَّدَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ الْفَارِقِيَّ، وَقَلَّدَهُ الْبِلَادَ، وَسَارَ إِلَى سُبُكٍ وَحَارَبَهُ، فَانْهَزَمَ الْفَارِقِيُّ وَسَارَ إِلَى بَغْدَاذَ، وَتَمَكَّنَ سُبُكٌ مِنَ الْبِلَادِ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى الْخَلِيفَةِ يَسْأَلُ أَنْ يُقَاطِعَ عَلَى أَذْرَبِيجَانَ، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ، وَقُرِّرَ عَلَيْهِ كُلَّ سَنَةٍ مِائَتَانِ وَعِشْرُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَأُنْفِذَتْ إِلَيْهِ الْخِلَعُ وَالْعَهْدُ، فَلَمْ يَقِفْ عَلَى مَا قَرَّرَهُ.
ثُمَّ وَثَبَ أَحْمَدُ بْنُ مُسَافِرٍ، صَاحِبُ الطِّرْمِ، عَلَى ابْنِ أَخِيهِ عَلِيِّ بْنِ وَهْسُوذَانَ وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute