للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحُثُّهُمْ عَلَى الطَّاعَةِ، وَكَانَ مَحْمُودًا فِي أُمُورِهِ، وَبَنَى بِكَرْمَانَ مَدِينَةً. وَثَارَ بِهِ نَاسٌ مِنَ الْفُتَّاكِ فَقَتَلَهُ أَحَدُهُمْ بِنَشَّابَةٍ.

وَكَانَ مُلْكُهُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً.

ذِكْرُ مُلْكِ يَزْدَجِرْدَ الْأَثِيمِ بْنِ بَهْرَامَ بْنِ سَابُورَ ذِي الْأَكْتَافِ

وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَقُولُ إِنَّ يَزْدَجِرْدَ هَذَا هُوَ أَخُو بَهْرَامَ كَرْمَانْ شَاهْ بْنِ سَابُورَ لَا ابْنُهُ، وَكَانَ فَظًّا غَلِيظًا ذَا عُيُوبٍ كَثِيرَةٍ يَضَعُ الشَّيْءَ فِي غَيْرِ مَوَاضِعِهِ، كَثِيرُ الرُّؤْيَةِ فِي الصَّغَائِرِ، وَاسْتِعْمَالِ كُلِّ مَا عِنْدَهُ فِي الْمُوَارَبَةِ وَالدَّهَاءِ وَالْمُخَاتَلَةِ، مَعَ فِطْنَةٍ بِجِهَاتِ الشَّرِّ وَعُجْبٍ بِهِ، وَكَانَ غَلْقًا سَيِّءَ الْخُلُقِ، لَا يَغْفِرُ الصَّغِيرَةَ مِنَ الزَّلَّاتِ، وَلَا يَقْبَلُ شَفَاعَةَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ، كَثِيرَ التُّهْمَةِ، وَلَا يَأْتَمِنُ أَحَدًا عَلَى شَيْءٍ، وَلَمْ يَكُنْ يُكَافِئُ أَحَدًا عَلَى حُسْنِ الْبَلَاءِ، وَإِنْ هُوَ أَوْلَى الْخَسِيسَ مِنَ الْعُرْفِ اسْتَعْظَمَهُ، وَإِذَا بَلَغَهُ أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ صَافَى أَحَدًا مِنْ أَهْلِ صِنَاعَتِهِ نَحَّاهُ عَنْ خِدْمَتِهِ. وَكَانَ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ ذَكَاءُ ذِهْنٍ وَحُسْنُ أَدَبٍ، وَقَدْ مَهِرَ فِي صُنُوفٍ مِنَ الْعِلْمِ، وَاسْتَوْزَرَ نَرْسِي حَكِيمَ زَمَانِهِ، وَكَانَ فَاضِلًا قَدْ كَمُلَ أَدَبُهُ، وَلَقَبُهُ هَزَارُ بِيدَهْ، فَأَمَّلَ النَّاسُ أَنْ يُصْلِحَ نَرْسِي مِنْهُ، فَكَانَ مَا أَمَّلُوهُ بَعِيدًا.

فَلَمَّا اسْتَوَى لَهُ الْمُلْكُ وَاشْتَدَّتْ شَوْكَتُهُ هَابَتْهُ الْأَشْرَافُ وَالْعُظَمَاءُ، وَحَمَلَ عَلَى الضُّعَفَاءِ فَأَكْثَرَ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ.

فَلَمَّا ابْتُلِيَتِ الرَّعِيَّةُ بِهِ، شَكَوْا مَا نَزَلْ بِهِمْ مِنْهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَسَأَلُوهُ تَعْجِيلَ إِنْقَاذِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>