الْحُسَيْنِ بْنِ حَمْدَانَ إِلَى ابْنِ أَبِي السَّاجِ لِيُحَارِبَهُ، وَإِذَا صَارَ عِنْدَهُ اتَّفَقَا عَلَيْكَ، ثُمَّ إِنَّ ابْنَ الْفُرَاتِ قَالَ لِلْمُقْتَدِرِ فِي إِرْسَالِ الْحُسَيْنِ إِلَى ابْنِ أَبِي السَّاجِ، فَقَتَلَ ابْنَ حَمْدَانَ فِي جُمَادَى الْأُولَى، وَقَبَضَ عَلَى ابْنِ الْفُرَاتِ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ.
ثُمَّ إِنَّ بَعْضَ الْعُمَّالِ ذَكَرَ لِابْنِ الْفُرَاتِ مَا يَتَحَصَّلُ لِحَامِدِ بْنِ الْعَبَّاسِ مِنْ أَعْمَالِ وَاسِطَ زِيَادَةً عَلَى ضَمَانِهِ، فَاسْتَكْثَرَهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُكَاتِبَهُ (بِذَلِكَ، فَكَاتَبَهُ) ، فَخَافَ حَامِدٌ أَنْ يُؤْخَذَ وَيُطَالَبَ بِذَلِكَ الْمَالِ، فَكَتَبَ إِلَى نَصْرٍ الْحَاجِبِ وَإِلَى وَالِدِهِ الْمُقْتَدِرِ، وَضَمِنَ لَهُمَا مَالًا لِيَتَحَدَّثَا لَهُ فِي الْوِزَارَةِ، فَذَكَرَ لِلْمُقْتَدِرِ حَالَهُ وَسَعَةَ نَفْسِهِ، وَكَثْرَةَ أَتْبَاعِهِ، وَأَنَّهُ لَهُ أَرْبَعُمِائَةِ مَمْلُوكٍ يَحْمِلُونَ السِّلَاحَ، وَاتَّفَقَ ذَلِكَ عِنْدَ نَفْرَةِ الْمُقْتَدِرِ عَنِ ابْنِ الْفُرَاتِ، فَأَمَرَهُ بِالْحُضُورِ مِنْ وَاسِطَ، فَحَضَرَ وَقَبَضَ عَلَى ابْنِ الْفُرَاتِ وَوَلَدِهِ الْمُحَسِّنِ وَأَصْحَابِهِمَا وَأَتْبَاعِهِمَا.
وَلَمَّا وَصَلَ حَامِدٌ إِلَى بَغْدَاذَ أَقَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي دَارِ الْخَلِيفَةِ، فَكَانَ يَتَحَدَّثُ مَعَ النَّاسِ، وَيُضَاحِكُهُمْ، وَيَقُومُ لَهُمْ، فَبَانَ لِلْخَدَمِ وَلِأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الْحَوَارِيِّ وَحَاشِيَةِ الدَّارِ قِلَّةُ مَعْرِفَتِهِ بِالْوِزَارَةِ، وَقَالَ لَهُ حَاجِبُهُ: يَا مَوْلَانَا! الْوَزِيرُ يَحْتَاجُ إِلَى لُبْسِهِ، وَجَلْسِهِ، وَعَبَسِهِ، فَقَالَ لَهُ: (تَعْنِي أَنْ) تَلْبَسَ، وَتَقْعُدَ، فَلَا تَقُومَ لِأَحَدٍ، وَلَا تَضْحَكَ فِي وَجْهِ أَحَدٍ، وَلَا تُحَدَّثَ أَحَدًا؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ حَامِدٌ: إِنَّ اللَّهَ أَعْطَانِي وَجْهًا طَلْقًا، وَخَلْقًا حَسَنًا، وَمَا كُنْتُ بِالَّذِي أُعَبِّسُ وَجْهِي، وَأُقَبِّحُ خَلْقِي لِأَجْلِ الْوِزَارَةِ، فَعَابُوهُ عِنْدَ الْمُقْتَدِرِ، وَنَسَبُوهُ إِلَى الْجَهْلِ بِأُمُورِ الْوِزَارَةِ، فَأَمَرَ الْمُقْتَدِرُ بِإِطْلَاقِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى مِنْ مَحْبِسِهِ، وَجَعَلَهُ يَتَوَلَّى الدَّوَاوِينَ شِبْهَ النَّائِبِ عَنْ حَامِدٍ، فَكَانَ يُرَاجِعُهُ فِي الْأُمُورِ وَيَصْدُرُ عَنْ رَأْيِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ اسْتَبَدَّ بِالْأَمْرِ دُونَ حَامِدٍ، وَلَمْ يَبْقَ لِحَامِدٍ غَيْرُ اسْمِ الْوِزَارَةِ وَمَعْنَاهَا لِعَلِيٍّ، حَتَّى قِيلَ فِيهِمَا:
هَذَا وَزِيرٌ بِلَا سَوَادٍ وَذَا سَوَادٌ بِلَا وَزِيرٍ
ثُمَّ إِنَّ حَامِدًا أَحْضَرَ ابْنَ الْفُرَاتِ لِيُقَابِلَهُ عَلَى أَعْمَالِهِ، وَوَكَّلَ بِمُنَاظَرَتِهِ عَلِيَّ بْنَ أَحْمَدَ الْمَادَرَائِيَّ لِيُصَحِّحَ عَلَيْهِ الْأَمْوَالَ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إِثْبَاتِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ، فَانْتُدِبَ لَهُ حَامِدٌ، وَسَبَّهُ، وَنَالَ مِنْهُ، وَقَامَ إِلَيْهِ فَلَكَمَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute