للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَكَانَ حَامِدٌ سَفِيهًا) فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْفُرَاتِ: أَنْتَ عَلَى بِسَاطِ السُّلْطَانُ، وَفِي دَارِ الْمَمْلَكَةِ، وَلَيْسَ هَذَا الْمَوْضِعُ مِمَّا تَعْرِفُهُ مِنْ بَيْدَرٍ تُقَسِّمُهُ، أَوْ غَلَّةٍ تَسْتَفْضِلُ فِي كَيْلِهَا، وَلَا هُوَ مِثْلُ أَكَّارٍ تَشْتُمُهُ، ثُمَّ قَالَ لِشَفِيعٍ اللُّؤْلُؤِيِّ: قُلْ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَنِّي إِنَّ حَامِدًا إِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى الدُّخُولِ فِي الْوِزَارَةِ، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، إِنَّنِي أَوْجَبْتُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفَيْ أَلْفِ دِينَارٍ مِنْ فَضْلِ ضَمَانِهِ، وَأَلْحَحْتُ فِي مُطَالَبَتِهِ بِهَا، فَظَنَّ أَنَّهَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ بِدُخُولِهِ فِي الْوِزَارَةِ، (وَأَنَّهُ يُضِيفُ) إِلَيْهَا غَيْرَهَا، فَاسْتَشَاطَ حَامِدٌ وَبَالَغَ فِي شَتْمِهِ، فَأَنْفَذَ الْمُقْتَدِرُ، فَأَقَامَ ابْنُ الْفُرَاتِ مِنْ مَجْلِسِهِ، وَرَدَّهُ إِلَى مَحْبِسِهِ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى، وَنَصْرٌ الْحَاجِبُ لِحَامِدٍ: قَدْ جَنَيْتَ عَلَيْنَا وَعَلَى نَفْسِكَ جِنَايَةً عَظِيمَةً بِمَا فَعَلْتَهُ بِابْنِ الْفُرَاتِ، وَأَيْقَظْتَ مِنْهُ شَيْطَانًا لَا يَنَامُ.

ثُمَّ إِنَّ ابْنَ الْفُرَاتِ صُودِرَ عَلَى مَالٍ عَظِيمٍ، وَضُرِبَ وَلَدُهُ الْمُحَسِّنُ وَأَصْحَابُهُ، وَأُخِذَ مِنْهُ أَمْوَالٌ جَمَّةٌ.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ عُزِلَ نِزَارٌ عَنْ شُرْطَةِ بَغْدَاذَ، وَجُعِلَ فِيهَا نَجَحٌ الطُّولُونِيُّ، وَجُعِلَ فِي الْأَرْبَاعِ فُقَهَاءُ يَكُونُ عَمَلُ أَصْحَابِ الشُّرْطَةِ بِفَتْوَاهُمْ، فَضَعُفَتْ هَيْبَةُ السَّلْطَنَةِ بِذَلِكَ، وَطَمِعَ اللُّصُوصُ وَالْعَيَّارُونَ، وَكَثُرَتِ الْفِتَنُ، وَكُبِسَتْ دُورُ التُّجَّارِ، وَأُخِذَتْ بَنَاتُ النَّاسِ فِي الطَّرِيقِ الْمُنْقَطِعَةِ، (وَكَثُرَ الْمُفْسِدُونَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>