فَلَمَّا قُرِئَ هَذَا عَلَى الْوَزِيرِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو عَمْرٍو لِلْحَلَّاجِ: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟ قَالَ: مِنْ كِتَابِ " الْإِخْلَاصِ لِلْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ "، قَالَ لَهُ الْقَاضِي: كَذَبْتَ يَا حَلَالَ الدَّمِ! (قَدْ سَمِعْنَاهُ بِمَكَّةَ وَلَيْسَ فِيهِ هَذَا، فَلَمَّا قَالَ لَهُ: يَا حَلَالَ الدَّمِ) ، وَسَمِعَهَا الْوَزِيرُ قَالَ لَهُ: اكْتُبْ بِهَذَا، فَدَافَعَهُ أَبُو عَمْرٍو، فَأَلْزَمَهُ حَامِدٌ، فَكَتَبَ بِإِبَاحَةِ دَمِهِ، وَكَتَبَ بَعْدَهُ مَنْ حَضَرَ الْمَجْلِسَ.
وَلَمَّا سَمِعَ الْحَلَّاجُ ذَلِكَ قَالَ: مَا يَحِلُّ لَكُمْ دَمِي وَاعْتِقَادِي الْإِسْلَامُ وَمَذْهَبِي السُّنَّةُ، وَلِي كُتُبٌ مَوْجُودَةٌ، فَاللَّهَ اللَّهَ فِي دَمِي! (وَتَفَرَّقَ النَّاسُ) وَكَتَبَ الْوَزِيرُ إِلَى الْخَلِيفَةِ يَسْتَأْذِنُ فِي قَتْلِهِ وَأَرْسَلَ الْفَتَاوَى إِلَيْهِ، فَأَذِنَ فِي قَتْلِهِ، فَسَلَّمَهُ الْوَزِيرُ إِلَى صَاحِبِ الشُّرْطَةِ، فَضَرَبَهُ أَلْفَ سَوْطٍ فَمَا تَأَوَّهَ ثُمَّ قَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ رِجْلَهُ، ثُمَّ يَدَهُ، ثُمَّ رِجْلَهُ، ثُمَّ قُتِلَ وَأُحْرِقَ بِالنَّارِ فَلَمَّا صَارَ رَمَادًا أُلْقِيَ فِي دِجْلَةَ، وَنُصِبَ الرَّأْسُ بِبَغْدَاذَ، وَأُرْسِلَ إِلَى خُرَاسَانَ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ بِهَا أَصْحَابٌ، فَأَقْبَلَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ يَقُولُونَ: إِنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ، وَإِنَّمَا أُلْقِيَ شَبَهُهُ عَلَى دَابَّةٍ، وَإِنَّهُ يَجِيءُ بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: لَقِيتُهُ عَلَى حِمَارٍ بِطَرِيقِ النَّهْرَوَانِ، وَإِنَّهُ قَالَ لَهُمْ: لَا تَكُونُوا مِثْلَ هَؤُلَاءِ الْبَقَرِ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنِّي ضُرِبْتُ وَقُتِلْتُ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
وَفِيهَا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَقَعَ حَرِيقٌ كَبِيرٌ فِي الْكَرْخِ، فَاحْتَرَقَ فِيهِ بَشَرٌ كَثِيرٌ.
وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ الْمُقْتَدِرُ عَلَى حَرْبِ الْمَوْصِلِ وَمَعُونَتِهَا مُحَمَّدَ بْنَ نَصْرٍ الْحَاجِبَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute