مَا يَشْتَهِي، وَأَنَّهُ قَدَّمُوهُ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ حَوَاشِي الْخَلِيفَةِ، وَأَنَّ نَصْرًا الْحَاجِبَ قَدْ مَالَ إِلَيْهِ وَغَيْرَهُ، فَالْتَمَسَ حَامِدٌ الْوَزِيرُ مِنَ الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ أَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْهِ الْحَلَّاجَ وَأَصْحَابَهُ، فَدَفَعَ عَنْهُ نَصْرٌ الْحَاجِبُ، فَأَلَحَّ الْوَزِيرُ، فَأَمَرَ الْمُقْتَدِرُ بِتَسْلِيمِهِ إِلَيْهِ، فَأَخَذَهُ، وَأُخِذَ مَعَهُ إِنْسَانٌ يُعْرَفُ بِالشِّمْرِيِّ، وَغَيْرِهِ، قِيلَ إِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ إِلَهٌ فَقَرَّرَهُمْ، فَاعْتَرَفُوا أَنَّهُمْ قَدْ صَحَّ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ إِلَهٌ، وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى، وَقَابَلُوا الْحَلَّاجَ عَلَى ذَلِكَ، فَأَنْكَرَهُ وَقَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَدَّعِي الرُّبُوبِيَّةَ، (أَوِ النُّبُوَّةَ) ، وَإِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ أَعْبُدُ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ! فَأَحْضَرَ حَامِدٌ الْقَاضِيَ أَبَا عَمْرٍو وَالْقَاضِيَ أَبَا جَعْفَرِ بْنَ الْبُهْلُولِ، وَجَمَاعَةً مِنْ وُجُوهِ الْفُقَهَاءِ وَالشُّهُودِ، فَاسْتَفْتَاهُمْ، فَقَالُوا: لَا يُفْتَى فِي أَمْرِهِ بِشَيْءٍ إِلَّا أَنْ يَصِحَّ عِنْدَنَا مَا يُوجِبُ قَتْلَهُ، وَلَا يَجُوزُ قَبُولُ قَوْلِ مَنْ يَدَّعِي عَلَيْهِ مَا ادَّعَاهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِقْرَارٍ.
وَكَانَ حَامِدٌ يُخْرِجُ الْحَلَّاجَ إِلَى مَجْلِسِهِ، وَيَسْتَنْطِقُهُ، فَلَا يَظْهَرُ مِنْهُ مَا تَكْرَهُهُ الشَّرِيعَةُ الْمُطَهَّرَةُ.
وَطَالَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ وَحَامِدٌ الْوَزِيرُ مُجِدٌّ فِي أَمْرِهِ، وَجَرَى لَهُ مَعَهُ قِصَصٌ يَطُولُ شَرْحُهَا وَفِي آخِرِهَا أَنَّ الْوَزِيرَ رَأَى كِتَابًا حَكَى فِيهِ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا أَرَادَ الْحَجَّ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ، أَفْرَدَ مِنْ دَارِهِ بَيْتًا لَا يَلْحَقُهُ شَيْءٌ مِنَ النَّجَاسَاتِ، وَلَا يَدْخُلُهُ أَحَدٌ، فَإِذَا حَضَرَتْ أَيَّامُ الْحَجِّ طَافَ حَوْلَهُ، وَفَعَلَ مَا يَفْعَلُهُ الْحَاجُّ بِمَكَّةَ ثُمَّ يَجْمَعُ ثَلَاثِينَ يَتِيمًا، وَيَعْمَلُ أَجْوَدَ طَعَامٍ يُمْكِنُهُ، وَيُطْعِمُهُمْ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ، وَيَخْدِمُهُمْ بِنَفْسِهِ، فَإِذَا فَرَغُوا كَسَاهُمْ، وَأَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَبْعَةَ دَرَاهِمَ فَإِذَا، (فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ كَمَنْ حَجَّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute