وَبَلَغَ الْخَبَرُ الْوَزِيرَ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ الْفُرَاتَ، فَأَنْكَرَ عَلَى ابْنِهِ ذَلِكَ، لِأَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُحْسِنًا إِلَيْهِمْ أَيَّامَ وِلَايَتِهِ، وَكَانَ قَدْ أَعْطَى الْمُحَسِّنَ، وَقْتَ نَكْبَتِهِ، عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَأَدَّى عَلِيُّ بْنُ عِيسَى مَالَ الْمُصَادَرَةِ، وَسَيَّرَهُ ابْنُ الْفُرَاتِ إِلَى مَكَّةَ وَكَتَبَ إِلَى أَمِيرِ مَكَّةَ لِيُسَيِّرَهُ إِلَى صَنْعَاءَ، ثُمَّ قَبَضَ ابْنُ الْفُرَاتِ عَلَى أَبِي عَلِيِّ بْنِ مُقْلَةَ، ثُمَّ أَطْلَقَهُ، وَقَبَضَ عَلَى ابْنِ الْحَوَارِيِّ، وَكَانَ خِصِّيصًا بِالْمُقْتَدِرِ، وَسَلَّمَهُ إِلَى ابْنِهِ الْمُحَسِّنِ، فَعَذَّبَهُ عَذَابًا شَدِيدًا، وَكَانَ الْمُحَسِّنُ وَقِحًا، سَيِّئَ الْأَدَبِ، ظَالِمًا، ذَا قَسْوَةٍ شَدِيدَةٍ، وَكَانَ النَّاسُ يُسَمُّونَهُ الْخَبِيثَ ابْنَ الطَّيِّبِ، وَسَيَّرَ ابْنَ الْحَوَارِيِّ إِلَى الْأَهْوَازِ لِيَسْتَخْرِجَ مِنْهُ الْأَمْوَالَ الَّتِي لَهُ، فَضَرَبَهُ الْمُوَكَّلُ بِهِ حَتَّى مَاتَ، وَقَبَضَ أَيْضًا عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَادِرَانِيَّيْنِ، وَكَانَ الْحُسَيْنُ قَدْ تَوَلَّى مِصْرَ وَالشَّامَ، فَصَادَرَهُمَا عَلَى أَلْفِ أَلْفِ دِينَارٍ وَسَبْعِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، ثُمَّ صَادَرَ جَمَاعَةً مِنَ الْكُتَّابِ وَنَكَبَهُمْ.
ثُمَّ إِنَّ ابْنَ الْفُرَاتِ خَوَّفَ الْمُقْتَدِرَ مِنْ مُؤْنِسٍ الْخَادِمِ، وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِأَنْ يُسَيِّرَهُ عَنِ الْحَضْرَةِ إِلَى الشَّامِ لِيَكُونَ هُنَالِكَ، فَسَمِعَ قَوْلَهُ، وَأَمَرَهُ بِالْمَسِيرِ، وَكَانَ قَدْ عَادَ مِنَ الْغَزَاةِ، فَسَأَلَ أَنْ يُقِيمَ عِدَّةَ أَيَّامٍ بَقِيَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ، وَخَرَجَ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْمَطَرِ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ مُؤْنِسًا لَمَّا قَدِمَ ذَكَرَ لِلْمُقْتَدِرِ مَا اعْتَمَدَهُ ابْنُ الْفُرَاتِ مِنْ مُصَادَرَاتِ النَّاسِ، وَمَا يَفْعَلُهُ ابْنُهُ مِنْ تَعْذِيبِهِمْ وَضَرْبِهِمْ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، فَخَافَهُ ابْنُ الْفُرَاتِ فَأَبْعَدَهُ عَنِ الْمُقْتَدِرِ، ثُمَّ سَعَى ابْنُ الْفُرَاتِ بِنَصْرٍ الْحَاجِبِ، وَأَطْمَعَ الْمُقْتَدِرَ فِي مَالِهِ وَكَثْرَتِهِ، فَالْتَجَأَ نَصْرٌ إِلَى أُمِّ الْمُقْتَدِرِ، فَمَنَعَتْهُ مِنِ ابْنِ الْفُرَاتِ.
ذِكْرُ الْقَرَامِطَةِ
وَفِيهَا قَصَدَ أَبُو طَاهِرٍ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْهَجَرِيُّ الْبَصْرَةَ، فَوَصَلَهَا لَيْلًا فِي أَلْفٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute