السُّودَانُ الَّذِينَ سَمَّيْتَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُفْلِحًا؟ فَسَأَلَهُ نَصْرٌ أَنْ لَا يُؤَاخِذَهُ، وَقَالَ لَهُ: حَامِدٌ يَسْأَلُ أَنْ يَكُونَ مَحْبِسُهُ فِي دَارِ الْخَلِيفَةِ، وَلَا يُسَلَّمُ إِلَى ابْنِ الْفُرَاتِ.
فَدَخَلَ مُفْلِحٌ، وَقَالَ ضِدَّ مَا قِيلَ لَهُ، فَأَمَرَ الْمُقْتَدِرُ بِتَسْلِيمِهِ إِلَى ابْنِ الْفُرَاتِ فَأُرْسِلَ إِلَيْهِ فَحَبَسَهُ فِي دَارٍ حَسَنَةٍ، وَأَجْرَى عَلَيْهِ مِنَ الطَّعَامِ، وَالْكُسْوَةِ، وَالطِّيبِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مَا كَانَ لَهُ وَهُوَ وَزِيرٌ، ثُمَّ أَحْضَرَهُ وَأَحْضَرَ الْفُقَهَاءَ وَالْعُمَّالَ، وَنَاظَرَهُ عَلَى مَا وَصَلَ إِلَيْهِ مِنَ الْمَالِ، وَطَالَبَهُ بِهِ، فَأَقَرَّ بِجِهَاتِ تُقَارِبُ أَلْفَ أَلْفِ دِينَارٍ وَضَمِنَهُ الْمُحَسِّنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْفُرَاتِ مِنَ الْمُقْتَدِرِ (بِخَمْسِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ) ، فَسَلَّمَهُ إِلَيْهِ، فَعَذَّبَهُ بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ، وَأَنْفَذَهُ إِلَى وَاسِطَ مَعَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ لِيَبِيعَ مَا لَهُ بِوَاسِطَ، وَأَمَرَهُمْ بِأَنْ يَسْقُوهُ سُمًّا، فَسَقَوْهُ سُمًّا فِي بَيْضٍ مَشْوِيٍّ، وَكَانَ طَلَبَهُ، فَأَصَابَهُ إِسْهَالٌ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى وَاسِطَ أَفْرَطَ الْإِغْيَامُ بِهِ، وَكَانَ قَدْ تَسَلَّمَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَزَوْفَرِيُّ، فَلَمَّا رَأَى حَالَهُ أَحْضَرَ الْقَاضِيَ وَالشُّهُودَ لِيَشْهَدُوا عَلَيْهِ أَنْ لَيْسَ لَهُ فِي أَمْرِهِ صُنْعٌ فَلَمَّا حَضَرُوا عِنْدَ حَامِدٍ قَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَصْحَابَ الْمُحَسِّنِ سَقَوْنِي سُمًّا فِي بَيْضٍ مَشْوِيٍّ فَأَنَا أَمُوتُ مِنْهُ، وَلَيْسَ لِمُحَمَّدٍ فِي أَمْرِي صُنْعٌ، لَكِنَّهُ قَدْ أَخَذَ قِطْعَةً مِنْ أَمْوَالِي وَأَمْتِعَتِي، وَجَعَلَ يَحْشُوهَا فِي الْمَسَاوِرِ، وَتُبَاعُ الْمِسْوَرَةُ فِي السُّوقِ بِمَحْضَرٍ مِنْ أَمِينِ السُّلْطَانِ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ، وَوَضَعَ عَلَيْهَا مَنْ يَشْتَرِيهَا، وَيَحْمِلُهَا إِلَيْهِ، فَيَكُونُ فِيهَا أَمْتِعَةٌ تُسَاوِي ثَلَاثَةَ آلَافِ دِينَارٍ، فَاشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ.
وَكَانَ صَاحِبُ الْخَبَرِ حَاضِرًا، (فَكَتَبَ ذَلِكَ، وَسَيَّرَهُ) ، وَنَدِمَ الْبَزَوْفَرِيُّ عَلَى مَا فَعَلَ، ثُمَّ مَاتَ حَامِدٌ فِي رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، ثُمَّ صُودِرَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بِثَلَاثِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، فَأَخَذَهُ الْمُحَسِّنُ بْنُ الْفُرَاتِ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ الْمَالَ، فَعَذَّبَهُ وَصَفَعَهُ فَلَمْ يُؤَدِّ إِلَيْهِ شَيْئًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute