نَصْرٍ، فَأُطْلِقَا لَهُ فَخَلَعَ عَلَيْهِمَا، وَوَصَلَهُمَا بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَصُودِرَ ابْنُهُ الْحَسَنُ عَلَى عِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَأُطْلِقَ إِلَى مَنْزِلِهِ.
وَكَانَ الْوَزِيرُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْفُرَاتِ كَرِيمًا، ذَا رِئَاسَةٍ وَكِفَايَةٍ فِي عَمَلِهِ حَسَنَ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ سَيِّئَةٌ إِلَّا وَلَدَهُ الْمُحَسِّنَ.
وَمِنْ مَحَاسِنِهِ أَنَّهُ جَرَى ذِكْرُ أَصْحَابِ الْأَدَبِ، وَطَلْبَةِ الْحَدِيثِ، وَمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْفَقْرِ وَالتَّعَفُّفِ، فَقَالَ: أَنَا أَحَقُّ مَنْ أَعَانَهُمْ، وَأَطْلَقَ لِأَصْحَابِ الْحَدِيثِ عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَلِلشُّعَرَاءِ عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَلِأَصْحَابِ الْأَدَبِ عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَلِلْفُقَهَاءِ عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَلِلصُّوفِيَّةِ عِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَذَلِكَ مِائَةُ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
وَكَانَ إِذَا وَلِيَ الْوِزَارَةَ ارْتَفَعَتْ أَسْعَارُ الثَّلْجِ، وَالشَّمْعِ، وَالسُّكَّرِ، وَالْقَرَاطِيسِ، لِكَثْرَةِ مَا كَانَ يَسْتَعْمِلُهَا وَيُخْرِجُ مِنْ دَارِهِ لِلنَّاسِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا يُعَابُ بِهِ إِلَّا أَنَّ أَصْحَابَهُ كَانُوا يَفْعَلُونَ مَا يُرِيدُونَ، وَيَظْلِمُونَ، فَلَا يَمْنَعُهُمْ، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَهُمْ ظَلَمَ امْرَأَةً فِي مِلْكٍ لَهَا، فَكَتَبَتْ إِلَيْهِ تَشْكُو مِنْهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَهُوَ لَا يَرُدُّ لَهَا جَوَابًا، فَلَقِيَتْهُ يَوْمًا، وَقَالَتْ لَهُ: أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ أَنْ تَسْمَعَ (مِنِّي كَلِمَةً) فَوَقَفَ لَهَا فَقَالَتْ: قَدْ كَتَبْتُ إِلَيْكَ فِي ظُلَامَتِي غَيْرَ مَرَّةٍ، وَلَمْ تُجِبْنِي، وَقَدْ تَرَكْتُكَ وَكَتَبْتُهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَلَمَّا (كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ) ، وَرَأَى تَغَيُّرَ حَالِهِ، قَالَ لِمَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ: (مَا أَظُنُّ) إِلَّا جَوَابَ رُقْعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute