للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَظُمَ أَمْرُ أَسْفَارٍ خِلَافَ مَا كَانَ، وَزَادَ تَجَبُّرُهُ، وَقَصَدَ قَزْوِينَ لِمَا فِي نَفْسِهِ عَلَى أَهْلِهَا، فَأَوْقَعَ بِهِمْ وَقْعَةً عَظِيمَةً أَخَذَ فِيهَا أَمْوَالَهُمْ، وَعَذَّبَهُمْ، وَقَتَلَ كَثِيرًا مِنْهُمْ، وَعَسَّفَهُمْ عَسْفًا شَدِيدًا، وَسَلَّطَ الدَّيْلَمَ عَلَيْهِمْ، فَضَاقَتِ الْأَرْضُ عَلَيْهِمْ، وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ، وَسَمِعَ مُؤَذِّنَ الْجَامِعِ يُؤَذِّنُ، فَأَمَرَ بِهِ فَأُلْقِيَ مِنَ الْمَنَارَةِ إِلَى الْأَرْضِ، فَاسْتَغَاثَ النَّاسُ مِنْ شَرِّهِ وَظُلْمِهِ، وَخَرَجَ أَهْلُ قَزْوِينَ إِلَى الصَّحْرَاءِ: الرِّجَالُ، وَالنِّسَاءُ، وَالْوَلَدَانُ يَتَضَرَّعُونَ وَيَدْعُونَ عَلَيْهِ وَيَسْأَلُونَ اللَّهَ كَشْفَ مَا هُمْ فِيهِ، فَبَلَغَهُ ذَلِكَ، فَضَحِكَ مِنْهُمْ، وَشَتَمَهُمُ اسْتِهْزَاءً بِالدُّعَاءِ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ انْهَزَمَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ.

ذِكْرُ قَتْلِ أَسْفَارٍ

كَانَ فِي أَصْحَابِ أَسْفَارٍ قَائِدٌ مِنْ أَكْبَرِ قُوَّادِهِ يُقَالُ لَهُ مَرْدَاوِيجُ بْنُ زَيَّارٍ الدَّيْلَمِيُّ، فَأَرْسَلَهُ إِلَى سَلَارَ صَاحِبِ شَمِيرَانَ الطِّرْمِ يَدْعُوهُ إِلَى طَاعَتِهِ، وَسَلَارُ هَذَا هُوَ الَّذِي صَارَ وَلَدُهُ فِيمَا بَعْدُ صَاحِبَ أَذْرَبِيجَانَ وَغَيْرِهَا، فَلَمَّا وَصَلَ مَرْدَاوِيجُ إِلَيْهِ تَشَاكَيَا مَا كَانَ النَّاسُ فِيهِ مِنَ الْجُهْدِ وَالْبَلَاءِ، فَتَحَالَفَا، وَتَعَاقَدَا عَلَى قَصْدِهِ، وَالتَّسَاعُدِ عَلَى حَرْبِهِ.

وَكَانَ أَسْفَارٌ قَدْ وَصَلَ إِلَى قَزْوِينَ، وَهُوَ يَنْتَظِرُ وَصُولَ مَرْدَاوِيجَ بِجَوَابِهِ، فَكَتَبَ مَرْدَاوِيجُ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْقُوَّادِ يَثِقُ بِهِمْ يُعَرِّفُهُمْ مَا اتَّفَقَ هُوَ وَسَلَارُ عَلَيْهِ، فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ، وَكَانَ الْجُنْدُ قَدْ سَئِمُوا أَسْفَارًا لِسُوءِ سِيرَتِهِ، وَظُلْمِهِ، وَجَوْرِهِ، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ مَنْ أَجَابَ إِلَى مُسَاعَدَةِ مَرْدَاوِيجَ مُطَرِّفُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَزِيرُ أَسْفَارٍ، وَسَارَ مَرْدَاوِيجُ وَسَلَارُ نَحْوَ أَسْفَارٍ، وَبَلَغَهُ الْخَبَرُ، وَأَنَّ أَصْحَابَهُ قَدْ بَايَعُوا مَرْدَاوِيجَ، فَأَحَسَّ بِالشَّرِّ، وَكَانَ ذَلِكَ عَقِيبَ حَادِثَتِهِ مَعَ أَهْلِ قَزْوِينَ وَدُعَائِهِمْ، وَثَارَ الْجُنْدُ بِأَسْفَارٍ، فَهَرَبَ مِنْهُمْ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ غِلْمَانِهِ وَوَرَدَ الرَّيَّ، فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالٍ كَانَ (عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>