للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ إِنَّهُ أَسَاءَ السِّيرَةَ فِي أَهْلِ أَصْبَهَانَ خَاصَّةً، وَأَخَذَ الْأَمْوَالَ، وَهَتَكَ الْمَحَارِمَ، وَطَغَى، وَعَمِلَ لَهُ سَرِيرًا مِنْ ذَهَبٍ يَجْلِسُ عَلَيْهِ، وَسَرِيرًا مِنْ فِضَّةٍ يَجْلِسُ عَلَيْهِ أَكَابِرُ قُوَّادِهِ، وَإِذَا جَلَسَ عَلَى السَّرِيرِ يَقِفُ عَسْكَرُهُ صُفُوفًا بِالْبُعْدِ مِنْهُ، وَلَا يُخَاطِبُهُ أَحَدٌ إِلَّا الْحُجَّابَ الَّذِينَ رَتَّبَهُمْ لِذَلِكَ، وَخَافَهُ النَّاسُ خَوْفًا شَدِيدًا.

ذِكْرُ مُلْكِ مَرْدَاوِيجَ طَبَرِسْتَانَ

قَدْ ذَكَرْنَا اتِّفَاقَ مَاكَانَ بْنِ كَالِي مَعَ مَرْدَاوِيجَ، وَمُسَاعَدَتَهُ عَلَى أَسْفَارٍ فَلَمَّا اسْتَقَرَّ مُلْكُ مَرْدَاوِيجَ، وَقَوِيَ أَمْرُهُ، وَكَثُرَتْ أَمْوَالُهُ وَعَسَاكِرُهُ، طَمِعَ فِي جُرْجَانَ، وَطَبَرِسْتَانَ، وَكَانَتَا مَعَ مَاكَانَ بْنِ كَالِي، فَجَمَعَ عَسَاكِرَهُ وَسَارَ إِلَى طَبَرِسْتَانَ، فَثَبَتَ لَهُ مَاكَانُ، فَاسْتَظْهَرَ عَلَيْهِ مَرْدَاوِيجُ، وَاسْتَوْلَى عَلَى طَبَرِسْتَانَ وَرَتَّبَ فِيهَا بَلْقَاسِمَ بْنَ بَانِجِينَ، وَهُوَ اسْفِهْسِلَارُ عَسْكَرِهِ، وَكَانَ حَازِمًا شُجَاعًا، جَيِّدَ الرَّأْيِ.

ثُمَّ سَارَ مَرْدَاوِيجُ نَحْوَ جُرْجَانَ، وَكَانَ بِهَا مِنْ قِبَلِ مَاكَانَ شِيرْزِيلُ بْنُ سَلَارَ، وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ تُرْكِيِّ، فَهَرَبَا مِنْ مَرْدَاوِيجَ، وَمَلَكَهَا مَرْدَاوِيجُ وَرَتَّبَ فِيهَا سُرْخَابَ بْنَ بَاوِسَ، خَالَ وَلَدِ بَلْقَاسِمِ بْنِ بَانْجِينَ، خَلِيفَةً عَنْ بَلْقَاسِمِ فَجَمَعَ بَلْقَاسِمُ جُرْجَانَ، وَطَبَرِسْتَانَ، وَعَادَ مَرْدَاوِيجُ إِلَى أَصْبَهَانَ ظَافِرًا غَانِمًا.

وَسَارَ مَاكَانُ إِلَى الدَّيْلَمِ وَاسْتَنْجَدَ أَبَا الْفَضْلِ الثَّائِرَ بِهَا، فَأَكْرَمَهُ، وَسَارَ مَعَهُ إِلَى طَبَرِسْتَانَ فَلَقِيَهُمَا بَلْقَاسِمُ، وَتَحَارَبُوا، فَانْهَزَمَ مَاكَانُ، (وَالثَّائِرُ، فَأَمَّا الثَّائِرُ فَقَصَدَ الدَّيْلَمَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>