وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ خَلَفِ بْنِ طَيَّابٍ ضَامِنًا أَمْوَالَ الضِّيَاعِ وَالْخَرَاجِ بِهَا. فَتَضَافَرَا، وَتَعَاقَدَا، وَقَطَعَا الْحِمْلَ عَلَى الْمُقْتَدِرِ، إِلَى أَنْ مَلَكَ عَلِيُّ بْنُ بُوَيْهِ الدَّيْلَمِيُّ بِلَادَ فَارِسَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ.
ذِكْرُ قَبْضِ الْوَزِيرِ سُلَيْمَانَ وَوِزَارَةِ أَبِي الْقَاسِمِ الْكَلْوَذَانِيِّ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قَبَضَ الْمُقْتَدِرُ عَلَى وَزِيرِهِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَسَنِ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ سُلَيْمَانَ ضَاقَتِ الْأَمْوَالُ عَلَيْهِ إِضَاقَةً شَدِيدَةً، وَكَثُرَتْ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَاتُ، وَوَقَفَتْ وَظَائِفُ السُّلْطَانِ، وَاتَّصَلَتْ رِقَاعُ مَنْ يُرَشِّحُ نَفْسَهُ لِلْوِزَارَةِ بِالسِّعَايَةِ لَهَا وَالضَّمَانِ بِالْقِيَامِ بِالْوَظَائِفِ، وَأَرْزَاقِ الْجُنْدِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ، وَنَقَلَهُ إِلَى دَارِهِ.
وَكَانَ الْمُقْتَدِرُ كَثِيرَ الشَّهْوَةِ لِتَقْلِيدِ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ الْوِزَارَةَ، فَامْتَنَعَ مُؤْنِسٌ مِنْ ذَلِكَ، وَأَشَارَ بِوِزَارَةِ أَبِي الْقَاسِمِ الْكَلْوَذَانِيِّ، فَاضْطَرَّ الْمُقْتَدِرُ إِلَى ذَلِكَ، فَاسْتَوْزَرَهُ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ رَجَبٍ، فَكَانَتْ وِزَارَةُ سُلَيْمَانَ سَنَةً وَاحِدَةً وَشَهْرَيْنِ، وَكَانَتْ وِزَارَتُهُ غَيْرَ مُتَمَكِّنَةٍ أَيْضًا، فَإِنَّهُ كَانَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى مَعَهُ عَلَى الدَّوَاوِينِ وَسَائِرِ الْأُمُورِ، وَأُفْرِدَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى (عَنْهُ بِالنَّظَرِ فِي الْمَظَالِمِ) ، وَاسْتُعْمِلَ عَلَى دِيوَانِ السَّوَادِ غَيْرُهُ، فَانْقَطَعَتْ مَوَادُّ الْوَزِيرِ، فَإِنَّهُ كَانَ يُقِيمُ مِنْ قِبَلِهِ مَنْ يَشْتَرِي تَوْقِيعَاتِ أَرْزَاقِ جَمَاعَةٍ لَا يُمْكِنُهُمْ مُفَارَقَةُ مَا هُمْ عَلَيْهِ بِصَدَدِهِ مِنَ الْخِدْمَةِ، فَكَانَ يُعْطِيهِمْ نِصْفَ الْمَبْلَغِ، وَكَانَتْ إِدْرَارَاتُ الْفُقَهَاءِ وَأَرْبَابِ الْبُيُوتِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
وَكَانَ أَبُو بَكْرِ بْنُ قُرَابَةَ مُنْتَمِيًا إِلَى مُفْلِحٍ الْخَادِمِ، فَأَوْصَلَهُ إِلَى الْمُقْتَدِرِ، فَذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ يَعْرِفُ وُجُوهَ مَرَافِقِ الْوُزَرَاءِ، فَاسْتَعْمَلَهُ عَلَيْهَا لِيُصْلِحَهُ لِلْخَلِيفَةِ، فَسَعَى فِي تَحْصِيلِ ذَلِكَ مِنَ الْعُمَّالِ، وَالضُّمَّانِ، وَالتُّنَّاءِ، وَغَيْرِهِمْ، فَأَخْلَقَ بِذَلِكَ الْخِلَافَةَ وَفَضَحَ الدِّيوَانَ وَوَقَفَتْ أَحْوَالُ النَّاسِ، فَإِنَّ الْوُزَرَاءَ وَأَرْبَابَ الْوِلَايَاتِ لَا يَقُومُونَ بِأَشْغَالِ الرَّعَايَا وَالتَّعَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute