للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَهُمْ إِلَّا لِرِفْقٍ يَحْصُلُ لَهُمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا يَحْمِلُهُمْ عَلَى النَّظَرِ فِي أَحْوَالِهِمْ، فَإِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْهُمْ، فَإِذَا مُنِعُوا تِلْكَ الْمَرَافِقَ (تَرَكُوا النَّاسَ يَضْطَرِبُونَ) ، وَلَا يَجِدُونَ مَنْ يَأْخُذُ بِأَيْدِيهِمْ، وَلَا يَقْضِي حَوَائِجَهُمْ، فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ هَذَا عِيَانًا فِي زَمَانِنَا هَذَا، وَفَاتَ بِهِ مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ مَا لَا يُحْصَى.

ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ هَارُونَ وَعَسْكَرِ مَرْدَاوِيجَ

قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ قَتْلَ أَسْفَارٍ وَمُلْكَ مَرْدَاوِيجَ، وَأَنَّهُ اسْتَوْلَى عَلَى بَلَدِ الْجَبَلِ وَالرَّيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَأَقْبَلَتِ الدَّيْلَمُ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ لِبَذْلِهِ وَإِحْسَانِهِ إِلَى جُنْدِهِ، فَعَظُمَتْ جُيُوشُهُ، وَكَثُرَتْ عَسَاكِرُهُ، وَكَثُرَ الْخَرَاجُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَكْفِهِ مَا فِي يَدِهِ، فَفَرَّقَ نُوَّابَهُ فِي النَّوَاحِي الْمُجَاوِرَةِ لَهُ.

فَكَانَ مِمَّنْ سَيَّرَهُ إِلَى هَمَذَانَ ابْنُ أُخْتٍ لَهُ فِي جَيْشٍ كَثِيرٍ، وَكَانَ بِهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ فِي عَسْكَرِ الْخَلِيفَةِ، فَتَحَارَبُوا حُرُوبًا كَثِيرَةً، وَأَعَانَ أَهْلُ هَمَذَانَ عَسْكَرَ الْخَلِيفَةِ، فَظَفِرُوا بِالدَّيْلَمِ، وَقُتِلَ ابْنُ أُخْتِ مَرْدَاوِيجَ، فَسَارَ مَرْدَاوِيجُ مِنَ الرَّيِّ إِلَى هَمَذَانَ، فَلَمَّا سَمِعَ أَصْحَابُ الْخَلِيفَةِ بِمَسِيرِهِ انْهَزَمُوا مِنْ هَمَذَانَ، فَجَاءَ إِلَى هَمَذَانَ، وَنَزَلَ عَلَى بَابِ الْأَسَدِ، فَتَحَصَّنَ مِنْهُ أَهْلُهَا، فَقَاتَلَهُمْ، فَظَفِرَ بِهِمْ وَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَأَحْرَقَ وَسَبَى، ثُمَّ رَفَعَ السَّيْفَ عَنْهُمْ وَأَمَّنَ بَقِيَّتَهُمْ.

فَأَنْفَذَ الْمُقْتَدِرُ هَارُونَ بْنَ غَرِيبِ الْخَالِ فِي عَسَاكِرَ كَثِيرَةٍ إِلَى مُحَارَبَتِهِ، فَالْتَقَوْا بِنُوَاحِي هَمَذَانَ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَانْهَزَمَ هَارُونُ وَعَسْكَرُ الْخَلِيفَةِ، وَاسْتَوْلَى مَرْدَاوِيجُ عَلَى بِلَادِ الْجَبَلِ جَمِيعِهَا، وَمَا وَرَاءَ هَمَذَانَ، وَسَيَّرَ قَائِدًا كَبِيرًا مِنْ أَصْحَابِهِ يُعْرَفُ بِابْنِ عَلَّانَ الْقَزْوِينِيِّ إِلَى الدِّينَوَرِ، فَفَتَحَهَا بِالسَّيْفِ، وَقَتَلَ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِهَا، وَبَلَغَتْ عَسَاكِرُهُ إِلَى نَوَاحِي حُلْوَانَ، فَغَنِمَتْ، وَنَهَبَتْ، وَقَتَلَتْ، وَسَبَتِ الْأَوْلَادَ وَالنِّسَاءَ، وَعَادُوا إِلَيْهِ.

ذِكْرُ مَا فَعَلَهُ لَشْكَرِيُّ مِنَ الْمُخَالَفَةِ

كَانَ لَشْكَرِيُّ الدَّيْلَمِيُّ مِنْ أَصْحَابِ أَسْفَارٍ، (وَاسْتَأْمَنَ إِلَى) الْخَلِيفَةِ، فَلَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>