للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْهَزَمَ هَارُونُ بْنُ غَرِيبٍ مِنْ مَرْدَاوِيجَ سَارَ مَعَهُ إِلَى قَرْمِيسِينَ، وَأَقَامَ هَارُونُ بِهَا، وَاسْتَمَدَّ الْمُقْتَدِرَ لِيُعَاوِدَ (مُحَارَبَةَ) مَرْدَاوِيجَ، وَسَيَّرَ هَارُونُ لَشْكَرِيَّ هَذَا إِلَى نَهَاوَنْدَ لِحَمْلِ مَالٍ بِهَا إِلَيْهِ، فَلَمَّا صَارَ لَشْكَرِيُّ بِنَهَاوَنْدَ، وَرَأَى غِنَى أَهْلِهَا طَمِعَ فِيهِمْ، وَصَادَرَهُمْ عَلَى ثَلَاثَةِ آلَافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَاسْتَخْرَجَهَا فِي مُدَّةِ أُسْبُوعٍ، وَجَنَّدَ بِهَا جُنْدًا، ثُمَّ مَضَى إِلَى أَصْبَهَانَ هَارِبًا مِنْ هَارُونَ فِي الْجُنْدِ الَّذِينَ انْضَمُّوا إِلَيْهِ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ.

وَكَانَ الْوَالِيَ عَلَى أَصْبَهَانَ حِينَئِذٍ أَحْمَدُ بْنُ كَيْغَلَغَ، وَذَلِكَ قَبْلَ اسْتِيلَاءِ مَرْدَاوِيجَ عَلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ فَحَارَبَهُ، فَانْهَزَمَ أَحْمَدُ هَزِيمَةً قَبِيحَةً، وَمَلَكَ لَشْكَرِيُّ أَصْبَهَانَ، وَدَخَلَ أَصْحَابُهُ إِلَيْهَا فَنَزَلُوا فِي الدُّورِ وَالْخَانَاتِ وَغَيْرِهَا وَلَمْ يَدْخُلْ لَشْكَرِيُّ مَعَهُمْ.

وَلَمَّا انْهَزَمَ أَحْمَدُ نَجَا إِلَى بَعْضِ قُرَى أَصْبَهَانَ فِي ثَلَاثِينَ فَارِسًا، وَرَكِبَ لَشْكَرِيُّ يَطُوفُ بِسُورِ أَصْبَهَانَ مِنْ ظَاهِرِهِ، فَنَظَرَ إِلَى أَحْمَدَ فِي جَمَاعَتِهِ، فَسَأَلَ عَنْهُ فَقِيلَ: لَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ بْنِ كَيْغَلَغَ، فَسَارَ فِيمَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ نَحْوَهُمْ، وَكَانُوا عِدَّةً يَسِيرَةً، فَلَمَّا قَرُبَ مِنْهُ تَعَارَفُوا، فَاقْتَتَلُوا، فَقُتِلَ لَشْكَرِيُّ، قَتَلَهُ أَحْمَدُ بْنُ كَيْغَلَغَ، ضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى رَأْسِهِ، فَقَدَّ الْمِغْفَرَ وَالْخُوذَةَ، وَنَزَلَ السَّيْفُ حَتَّى خَالَطَ دِمَاغَهُ، فَسَقَطَ مَيِّتًا.

وَكَانَ (عُمْرُ أَحْمَدَ) إِذْ ذَاكَ قَدْ جَاوَزَ السَّبْعِينَ، فَلَمَّا قُتِلَ لَشْكَرِيُّ انْهَزَمَ مَنْ مَعَهُ، فَدَخَلُوا أَصْبَهَانَ، وَأَعْلَمُوا أَصْحَابَهُمْ، فَهَرَبُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ، وَتَرَكُوا أَثْقَالَهُمْ وَأَكْثَرَ رِحَالِهِمْ، وَدَخَلَ أَحْمَدُ إِلَى أَصْبَهَانَ، وَكَانَ هَذَا قَبْلَ اسْتِيلَاءِ مَرْدَاوِيجَ عَلَى أَصْبَهَانَ، وَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>