فَمِنْ جُمْلَةِ مَا فَعَلَهُ أَنَّهُ وَضَعَ فِي جُمْلَةِ كِتَابٍ: مِيمٌ مِيمٌ مِيمٌ، يَكُونُ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا، وَأَحْضَرَهُ عِنْدَ (مُفْلِحٍ وَقَالَ: هَذَا كِنَايَةٌ عَنْكَ، فَإِنَّكَ) مُفْلِحٌ مَوْلَى الْمُقْتَدِرِ، وَذَكَرَ لَهُ عَلَامَاتٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ، فَأَغْنَاهُ، (فَتَوَصَّلَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ مَعَهُ، حَتَّى جَعَلَ اسْمَهُ فِي كِتَابٍ وَضَعَهُ) وَعَتَّقَهُ، وَذَكَرَ فِيهِ عَلَامَةَ وَجْهِهِ، وَمَا فِيهِ مِنَ الْآثَارِ، وَيَقُولُ إِنَّهُ يَزِرُ لِلْخَلِيفَةِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ، وَتَسْتَقِيمُ الْأُمُورُ عَلَى يَدَيْهِ، وَيَقْهَرُ الْأَعَادِيَ، وَتَتَعَمَّرُ الدُّنْيَا فِي أَيَّامِهِ، وَجَعَلَ هَذَا كُلَّهُ فِي جُمْلَةِ كِتَابٍ ذَكَرَ فِيهِ حَوَادِثَ قَدْ وَقَعَتْ، وَأَشْيَاءَ لَمْ تَقَعْ بَعْدُ، وَنَسَبَ ذَلِكَ إِلَى دَانْيَالَ، وَعَتَّقَ الْكِتَابَ وَأَخَذَهُ وَقَرَأَهُ عَلَى مُفْلِحٍ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَخَذَ الْكِتَابَ وَأَحْضَرَهُ عِنْدَ الْمُقْتَدِرِ، وَقَالَ لَهُ: أَتَعْرِفُ فِي الْكُتَّابِ مَنْ هُوَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ؟ فَقَالَ: مَا أَعْرِفُهُ إِلَّا الْحُسَيْنَ بْنَ الْقَاسِمِ، فَقَالَ: صَدَقْتَ وَإِنَّ قَلْبِي لِيَمِيلُ إِلَيْهِ، فَإِنْ جَاءَكَ مِنْهُ رَسُولٌ بِرُقْعَةٍ فَاعْرِضْهَا عَلَيَّ، وَاكْتُمْ حَالَهُ وَلَا تُطْلِعْ عَلَى أَمْرِهِ أَحَدًا.
وَخَرَجَ مُفْلِحٌ إِلَى الدَّانْيَالِيِّ فَسَأَلَهُ: هَلْ تَعْرِفُ أَحَدًا مِنَ الْكُتَّابِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ؟ فَقَالَ: لَا أَعْرِفُ أَحَدًا، قَالَ: فَمِنْ أَيْنَ وَصَلَ إِلَيْكَ هَذَا الْكِتَابُ؟ فَقَالَ: مِنْ أَبِي، وَهُوَ وَرِثَهُ مِنْ آبَائِهِ، وَهُوَ مِنْ مَلَاحِمِ دَانْيَالَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَعَادَ ذَلِكَ عَلَى الْمُقْتَدِرِ، فَقَبِلَهُ، فَعَرَّفَ الدَّانْيَالِيُّ ذَلِكَ الْحُسَيْنَ بْنَ الْقَاسِمِ، فَلَمَّا أَعْلَمَهُ كَتَبَ رُقْعَةً إِلَى مُفْلِحٍ، فَأَوْصَلَهَا إِلَى الْمُقْتَدِرِ، وَوَعَدَهُ الْجَمِيلَ، وَأَمَرَهُ بِطَلَبِ الْوِزَارَةِ وَإِصْلَاحِ مُؤْنِسٍ الْخَادِمِ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ فِي وِزَارَتِهِ مَعَ كَثْرَةِ الْكَارِهِينَ لَهُ.
ثُمَّ اتَّفَقَ أَنَّ الْكَلْوَذَانِيَّ عَمِلَ حِسْبَةً بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ النَّفَقَاتِ، وَعَلَيْهَا خَطُّ أَصْحَابِ الدِّيوَانِ، فَبَقِيَ مُحْتَاجًا إِلَى سَبْعِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَعَرَضَهَا عَلَى الْمُقْتَدِرِ، وَقَالَ: لَيْسَ لِهَذِهِ جِهَةٌ إِلَّا مَا يُطْلِقُهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لِأُنْفِقَهُ، فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُقْتَدِرِ.
وَكَتَبَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ لَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ يَضْمَنُ جَمِيعَ النَّفَقَاتِ، وَلَا يُطَالِبُهُ بِشَيْءٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَضَمِنَ أَنَّهُ يَسْتَخْرِجُ سِوَى ذَلِكَ أَلْفَ أَلْفِ دِينَارٍ يَكُونُ فِي بَيْتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute