عَنْكَ مَؤُونَتَنَا، فَإِذَا صَلُحَ أَمْرُنَا عُدْنَا إِلَيْكَ، فَأَذِنَ لَهُمَا، فَسَارَا إِلَى مَرْدَاوَيْجَ، وَاقْتَدَى بِهِمَا جَمَاعَةٌ مِنْ قُوَّادِ مَاكَانَ وَتَبِعُوهُمَا، فَلَمَّا صَارُوا إِلَيْهِ قَبِلَهُمْ أَحْسَنَ قَبُولٍ، وَخَلَعَ عَلَى ابْنَيْ بُوَيْهِ، وَأَكْرَمَهُمَا، وَقَلَّدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ قُوَّادِ مَاكَانَ الْوَاصِلِينَ إِلَيْهِ نَاحِيَةً مِنْ نَوَاحِي الْجَبَلِ، فَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ بُوَيْهِ فَإِنَّهُ قَلَّدَهُ كَرَجَ.
ذِكْرُ سَبَبِ تَقَدُّمِ عَلِيِّ بْنِ بُوَيْهِ
(كَانَ السَّبَبُ فِي ارْتِفَاعِ) عَلِيِّ بْنِ بُوَيْهِ (مِنْ بَيْنِهِمْ) - بَعْدَ الْأَقْدَارِ - أَنَّهُ كَانَ سَمْحًا، حَلِيمًا، شُجَاعًا، فَلَمَّا قَلَّدَهُ مَرْدَاوَيْجُ كَرَجَ، وَقَلَّدَ جَمَاعَةَ الْقُوَّادِ الْمُسْتَأْمَنَةِ مَعَهُ الْأَعْمَالَ، وَكَتَبَ لَهُمُ الْعُهُودَ، وَسَارُوا إِلَى الرَّيِّ، وَبِهَا وَشْمَكِيرُ بْنُ زِيَارَ أَخُو مَرْدَاوَيْجَ، وَمَعَهُ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُلَقَّبُ بِالْعَمِيدِ، وَهُوَ وَالِدُ أَبِي الْفَضْلِ الَّذِي وَزَرَ لِرُكْنِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ، وَكَانَ الْعَمِيدُ يَوْمَئِذٍ وَزِيرَ مَرْدَاوَيْجَ.
وَكَانَ مَعَ عِمَادِ الدَّوْلَةِ بَغْلَةٌ شَهْبَاءُ مِنْ أَحْسَنِ مَا يَكُونُ، فَعَرَضَهَا لِلْبَيْعِ، فَبَلَغَ ثَمَنُهَا مِائَتَيْ دِينَارٍ، فَعُرِضَتْ عَلَى الْعَمِيدِ، فَأَخَذَهَا وَأَنْفَذَ ثَمَنَهَا، فَلَمَّا حُمِلَ الثَّمَنُ إِلَى عِمَادِ الدَّوْلَةِ، أَخَذَ مِنْهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَرَدَّ الْبَاقِيَ، وَجَعَلَ مَعَهُ هَدِيَّةً جَمِيلَةً.
ثُمَّ إِنَّ مَرْدَاوَيْجَ نَدِمَ عَلَى مَا فَعَلَ مِنْ تَوْلِيَةِ أُولَئِكَ الْقُوَّادِ الْبِلَادَ، فَكَتَبَ إِلَى أَخِيهِ وَشْمَكِيرَ وَإِلَى الْعَمِيدِ يَأْمُرُهُمَا بِمَنْعِهِمْ مِنَ الْمَسِيرِ إِلَى أَعْمَالِهِمْ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ قَدْ خَرَجَ، فَيُرَدُّ.
وَكَانَتِ الْكُتُبُ تَصِلُ إِلَى الْعَمِيدِ قَبْلَ وَشْمَكِيرَ، فَيَقْرَأُهَا ثُمَّ يَعْرِضُهَا عَلَى وَشْمَكِيرَ، فَلَمَّا وَقَفَ الْعَمِيدُ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ، أَنْفَذَ إِلَى عِمَادِ الدَّوْلَةِ يَأْمُرُهُ بِالْمَسِيرِ مِنْ سَاعَتِهِ إِلَى عَمَلِهِ، وَيَطْوِي الْمَنَازِلَ، فَسَارَ مِنْ وَقْتِهِ، وَكَانَ الْمَغْرِبُ، وَأَمَّا الْعَمِيدُ فَلَمَّا أَصْبَحَ، عَرَضَ الْكِتَابَ عَلَى وَشْمَكِيرَ، فَمَنَعَ سَائِرَ الْقُوَّادِ مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ الرَّيِّ، وَاسْتَعَادَ التَّوْقِيعَاتِ الَّتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute