الْمُنَجِّمُ: فَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ، قَالَ: وَاللَّهِ، مَا أَمْلِكُ دِينَارًا فَكَيْفَ عَشَرَةً، فَأَعْطَاهُ شَيْئًا، فَقَالَ الْمُنَجِّمُ: اعْلَمْ أَنَّهُ يَكُونُ لَكَ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ، يَمْلِكُونَ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا، وَيَعْلُو ذِكْرُهُمْ فِي الْآفَاقِ كَمَا عَلَتْ تِلْكَ النَّارُ، وَيُولَدُ لَهُمْ جَمَاعَةُ مُلُوكٍ مَا رَأَيْتَ مِنْ تِلْكَ الشُّعَبِ.
فَقَالَ أَبُو شُجَاعٍ: أَمَا تَسْتَحِي تَسْخَرُ مِنَّا؟ أَنَا رَجُلٌ فَقِيرٌ، وَأَوْلَادِي هَؤُلَاءِ فُقَرَاءُ مَسَاكِينُ، كَيْفَ يَصِيرُونَ مُلُوكًا؟
(فَقَالَ الْمُنَجِّمُ) : أَخْبِرْنِي بِوَقْتِ مِيلَادِهِمْ، فَأَخْبَرَهُ، فَجَعَلَ يَحْسِبُ، ثُمَّ قَبَضَ عَلَى يَدِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيٍّ فَقَبَّلَهَا، وَقَالَ: هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي يَمْلِكُ الْبِلَادَ، ثُمَّ هَذَا مِنْ بَعْدِهِ، وَقَبَضَ عَلَى يَدِ أَخِيهِ أَبِي عَلِيٍّ الْحَسَنِ، فَاغْتَاظَ مِنْهُ أَبُو شُجَاعٍ، وَقَالَ لِأَوْلَادِهِ: اصْفَعُوا هَذَا الْحَكِيمَ، فَقَدْ أَفْرَطَ فِي السُّخْرِيَةِ بِنَا، فَصَفَعُوهُ، وَهُوَ يَسْتَغِيثُ، وَنَحْنُ نَضْحَكُ مِنْهُ، ثُمَّ أَمْسَكُوا، فَقَالَ لَهُمْ: اذْكُرُوا لِي هَذَا إِذَا قَصَدْتُكُمْ وَأَنْتُمْ مُلُوكٌ، فَضَحِكْنَا مِنْهُ، وَأَعْطَاهُ أَبُو شُجَاعٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ.
ثُمَّ خَرَجَ مِنْ بِلَادِ الدَّيْلَمِ جَمَاعَةٌ، تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ لِيَمْلِكَ الْبِلَادَ مِنْهُمْ مَاكَانُ بْنُ بَالِي، وَلَيْلَى بْنُ النُّعْمَانِ، وَأَسْفَارُ بْنُ شِيرَوَيْهِ، وَمَرْدَاوَيْجْ بْنُ زِيَارْ، وَخَرَجَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الدَّيْلَمِ، وَخَرَجَ أَوْلَادُ أَبِي شُجَاعٍ فِي جُمْلَةِ مَنْ خَرَجَ، وَكَانُوا مِنْ جُمْلَةِ قُوَّادِ مَاكَانَ بْنِ كَالِي، فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ مَاكَانَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الِاتِّفَاقِ ثُمَّ الِاخْتِلَافِ، بَعْدَ قَتْلِ أَسْفَارَ، وَاسْتِيلَاءِ مَرْدَاوَيْجَ عَلَى مَا كَانَ (بِيَدِ مَاكَانَ) مِنْ طَبَرِسْتَانَ وَجُرْجَانَ، وَعَوْدُ مَاكَانَ مَرَّةً أُخْرَى إِلَى جُرْجَانَ وَالدَّامَغَانَ، وَعَوْدُهُ إِلَى نَيْسَابُورَ مَهْزُومًا.
فَلَمَّا رَأَى أَوْلَادُ بُوَيْهِ ضَعْفَهُ وَعَجْزَهُ، قَالَ لَهُ عِمَادُ الدَّوْلَةِ وَرُكْنُ الدَّوْلَةِ: نَحْنُ فِي جَمَاعَةٍ، وَقَدْ صِرْنَا ثُقْلًا عَلَيْكَ وَعِيَالًا، وَأَنْتَ مُضَيَّقٌ، وَالْأَصْلَحُ لَكَ أَنْ نُفَارِقَكَ لِنُخَفِّفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute