وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَقَدْ سَبَقَهُ إِلَيْهِمَا مُقَدِّمَةُ يَاقُوتٍ فِي نَحْوِ أَلْفَيْ فَارِسٍ مِنْ شُجْعَانِ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا وَافَاهُمُ ابْنُ بُوَيْهِ، لَمْ يَثْبُتُوا لَهُ لَمَّا لَقِيَهُمْ، وَانْهَزَمُوا إِلَى كَرْكَانَ، وَجَاءَهُمْ يَاقُوتٌ فِي جَمِيعِ أَصْحَابِهِ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ، وَتَقَدَّمَ أَبُو طَالِبٍ إِلَى وُكَلَائِهِ بِالنُّوَبَنْدِجَانِ بِخِدْمَةِ ابْنِ بُوَيْهِ، وَالْقِيَامِ بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَتَنَحَّى هُوَ عَنِ الْبَلَدِ إِلَى بَعْضِ الْقُرَى، حَتَّى لَا يُعْتَقَدَ فِيهِ الْمُوَاطَأَةُ لَهُ، فَكَانَ مَبْلَغُ مَا خَسِرَ عَلَيْهِ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا مِقْدَارَ مِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ.
وَأَنْفَذَ عِمَادُ الدَّوْلَةِ أَخَاهُ رُكْنُ الدَّوْلَةِ الْحَسَنُ إِلَى كَازْرُوَنَ وَغَيْرِهَا مِنْ أَعْمَالِ فَارِسَ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا أَمْوَالًا جَلِيلَةً، فَأَنْفَذَ يَاقُوتٌ عَسْكَرًا إِلَى كَازْرُوَنَ، فَوَاقَعَهُمْ رُكْنُ الدَّوْلَةِ، فَهَزَمَهُمْ وَهُوَ فِي نَفَرٍ يَسِيرٍ، وَعَادَ غَانِمًا سَالِمًا إِلَى أَخِيهِ.
ثُمَّ إِنَّ عِمَادَ الدَّوْلَةِ انْتَهَى إِلَيْهِ مُرَاسَلَةُ مَرْدَاوَيْجَ وَأَخِيهِ وَشْمَكِيرَ إِلَى يَاقُوتٍ وَمُرَاسَلَتُهُ إِلَيْهِمَا، فَخَافَ اجْتِمَاعَهُمْ، فَسَارَ مِنَ النُّوَبَنْدِجَانِ إِلَى إِصْطَخْرَ ثُمَّ إِلَى الْبَيْضَاءِ، وَيَاقُوتٌ يَتْبَعُهُ، وَانْتَهَى إِلَى قَنْطَرَةٍ عَلَى طَرِيقِ كَرْمَانَ، فَسَبَقَهُ يَاقُوتٌ إِلَيْهَا، وَمَنَعَهُ مِنْ عُبُورِهَا، وَاضْطُرَّ إِلَى الْحَرْبِ، وَذَلِكَ فِي آخِرِ سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] .
وَدَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ]
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ اجْتَمَعَتْ بَنُو ثَعْلَبَةَ إِلَى بَنِي أَسَدٍ الْقَاصِدِينَ إِلَى أَرْضِ الْمَوْصِلِ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنْ طَيٍّ، فَصَارُوا يَدًا وَاحِدَةً عَلَى بَنِي مَالِكٍ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنْ تَغْلِبَ، وَقَرُبَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ لِلْحَرْبِ، فَرَكِبَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْدَانَ فِي أَهْلِهِ وَرِجَالِهِ، وَمَعَهُ أَبُو الْأَغَرِّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَمْدَانَ لِلصُّلْحِ بَيْنَهُمْ، فَتَكَلَّمَ أَبُو الْأَغَرِّ، فَطَعَنَهُ رَجُلٌ مِنْ حِزْبِ بَنِي ثَعْلَبَةَ فَقَتَلَهُ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ وَمَنْ مَعَهُ، فَانْهَزَمُوا وَقُتِلَ مِنْهُمْ، وَمُلِكَتْ بُيُوتُهُمْ، وَأُخِذَ حَرِيمُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ، وَنَجَوْا عَلَى ظُهُورِ خُيُولِهِمْ، وَتَبِعَهُمْ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ إِلَى الْحَدِيثَةِ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَيْهَا لَقِيَهُمْ يَأْنَسُ غُلَامُ مُؤْنِسٍ، وَقَدْ وَلِيَ الْمَوْصِلَ، (وَهُوَ مُصْعِدٌ إِلَيْهَا) ، فَانْضَمَّ إِلَيْهِ بَنُو ثَعْلَبَةَ وَبَنُو أَسَدٍ، وَعَادُوا إِلَى دِيَارِ رَبِيعَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute