وَأَعْمَالِهَا، وَدَفَعَ عَنْهَا ابْنَ يَاقُوتٍ، (وَلَمْ يَبْقَ بِيَدِ ابْنِ يَاقُوتٍ) مِنْ تِلْكَ الْوَلَايَةِ إِلَّا السُّوسُ، وَجُنْدَيْسَابُورُ، وَهُوَ يُرِيدُ الْمَسِيرَ إِلَى أَصْبَهَانَ أَمِيرًا عَلَيْهَا، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَكَانَ ذَلِكَ آخَرَ أَيَّامِ الْقَاهِرِ، فَلَمَّا وَلِيَ الرَّاضِي، وَاسْتَحْضَرَهُ، سَارَ إِلَى وَاسِطَ، وَأَرْسَلَ مُحَمَّدَ بْنَ يَاقُوتٍ يَخْطُبُ الْحَجَبَةَ، فَأُجِيبُ إِلَيْهَا، فَسَارَ فِي أَثَرِ ابْنِ رَائِقٍ، وَبَلَغَ ابْنَ رَائِقٍ الْخَبَرُ، فَلَمْ يَقِفْ وَسَارَ مِنْ وَاسِطَ مُصْعِدًا إِلَى بَغْدَاذَ يُسَابِقُ ابْنَ يَاقُوتٍ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى الْمَدَائِنِ، لَقِيَهُ تَوْقِيعُ الرَّاضِي يَأْمُرُهُ بِتَرْكِ دُخُولِ بَغْدَاذَ، وَتَقْلِيدِهِ الْحَرْبَ وَالْمُعَاوِنَ بِوَاسِطَ، مُضَافًا إِلَى مَا بِيَدِهِ مِنَ الْبَصْرَةِ وَغَيْرِهَا، فَعَادَ مُنْحَدِرًا فِي دِجْلَةَ، وَلَقِيَهُ ابْنُ يَاقُوتٍ مُصْعِدًا فِيهَا أَيْضًا، فَسَلَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَأُصْعِدَ ابْنُ يَاقُوتٍ إِلَى بَغْدَاذَ فَتَوَلَّى الْحَجَبَةَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ.
ذِكْرُ وَفَاةِ الْمَهْدِيِّ صَاحِبِ إِفْرِيقِيَّةَ، وَوَلَايَةِ وَلَدِهِ الْقَائِمِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، تُوُفِّيَ الْمَهْدِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْدُ اللَّهِ الْعَلَوِيُّ بِالْمَهْدِيَّةِ، وَأَخْفَى وَلَدُهُ أَبُو الْقَاسِمِ مَوْتَهُ سَنَةً لِتَدْبِيرٍ كَانَ لَهُ، وَكَانَ يَخَافُ أَنْ يَخْتَلِفَ النَّاسُ عَلَيْهِ إِذَا عَلِمُوا بِمَوْتِهِ، وَكَانَ عُمُرُ الْمَهْدِيِّ لَمَّا تُوُفِّيَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سَنَةً، وَكَانَتْ وَلَايَتُهُ مُنْذُ دَخَلَ رَقَّادَةَ وَدُعِيَ لَهُ بِالْإِمَامَةِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَشَهْرًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ مَلَكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ أَبُو الْقَاسِمِ مُحَمَّدٌ، وَكَانَ أَبُوهُ قَدْ عَهِدَ إِلَيْهِ، وَلَمَّا أَظْهَرَ وَفَاةَ وَالِدِهِ كَانَ قَدْ تَمَكَّنَ وَفَرَغَ مِنْ جَمِيعِ مَا أَرَادَهُ، وَاتَّبَعَ سُنَّةَ أَبِيهِ، وَثَارَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، فَتَمَكَّنَ مِنْهُمْ، وَكَانَ مِنْ أَشَدِّهِمْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ ابْنُ طَالُوتَ الْقُرَشِيُّ فِي نَاحِيَةِ طَرَابُلُسَ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ وَلَدُ الْمَهْدِيِّ، فَقَامُوا مَعَهُ، وَزَحَفَ إِلَى مَدِينَةِ طَرَابُلُسَ، فَقَاتَلَهُ أَهْلُهَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ لِلْبَرْبَرِ كَذِبُهُ، فَقَتَلُوهُ وَحَمَلُوا رَأْسَهُ إِلَى الْقَائِمِ.
وَجَهَّزَ الْقَائِمُ أَيْضًا جَيْشًا كَثِيفًا مَعَ مَيْسُورِ الْفَتَى إِلَى الْمَغْرِبِ، فَانْتَهَى إِلَى فَاسَ، وَإِلَى تَكْرُورَ، وَهَزَمَ خَارِجِيًّا هُنَاكَ، وَأَخَذَ وَلَدَهُ أَسِيرًا، وَسَيَّرَ أَيْضًا جَيْشًا فِي الْبَحْرِ، وَقَدَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute