عَلَيْهِمْ رَجُلًا اسْمُهُ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ إِلَى بَلَدِ الرُّومِ، فَسَبَى وَغَنِمَ فِي بَلَدِ جِنْوَةَ، وَسَيَّرَ جَيْشًا آخَرَ مَعَ خَادِمِهِ زَيْدَانَ، وَبَالَغَ فِي النَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ وَتَجْهِيزِهِمْ إِلَى مِصْرَ، فَدَخَلُوا الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ، فَأَخْرَجَ إِلَيْهِمْ مُحَمَّدٌ الْإِخْشِيدُ عَسْكَرًا كَثِيفًا، فَقَاتَلَهُمْ، وَهَزَمُوا الْمَغَارِبَةَ، وَقَتَلُوا فِيهِمْ وَأَسَرُوا، وَعَادَ الْمَغَارِبَةُ مَفْلُولِينَ.
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ مَرْدَاوَيْجَ عَلَى الْأَهْوَازِ
لَمَّا بَلَغَ مَرْدَاوَيْجَ اسْتِيلَاءُ عَلِيِّ بْنِ بُوَيْهِ عَلَى فَارِسَ، اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَسَارَ إِلَى أَصْبَهَانَ لِلتَّدْبِيرِ عَلَى ابْنِ بُوَيْهِ، فَرَأَى أَنْ يُنْفِذَ عَسْكَرًا إِلَى الْأَهْوَازِ لِيَسْتَوْلِيَ عَلَيْهَا، وَيَسُدَّ الطَّرِيقَ عَلَى عِمَادِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ إِذَا قَصَدَهُ، فَلَا يَبْقَى لَهُ طَرِيقٌ إِلَى الْخَلِيفَةِ، وَيَقْصِدُهُ هُمْ مِنْ نَاحِيَةِ أَصْبَهَانَ، وَيَقْصِدُهُ عَسْكَرُهُ مِنْ نَاحِيَةِ الْأَهْوَازِ، فَلَا يَثْبُتُ لَهُمْ.
سَارَتْ عَسَاكِرُ مَرْدَاوَيْجَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، حَتَّى بَلَغَتْ إِيذَجَ، فَخَافَ يَاقُوتٌ أَنْ يَحْصُلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ابْنِ بُوَيْهِ، فَسَارَ إِلَى الْأَهْوَازِ (وَمَعَهُ ابْنُهُ الْمُظَفَّرُ، وَكَتَبَ إِلَى الرَّاضِي لِيُقَلِّدَهُ أَعْمَالَ الْأَهْوَازِ) ، فَقَلَّدَهُ ذَلِكَ، وَصَارَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْبَرِيدِيُّ كَاتِبُهُ مُضَافًا لَهُ إِلَى مَا بِيَدِهِ مِنْ أَعْمَالِ الْخَرَاجِ بِالْأَهْوَازِ، وَصَارَ أَخُوهُ أَبُو الْحُسَيْنِ يَخْلُفُ يَاقُوتًا بِبَغْدَاذَ.
ثُمَّ اسْتَوْلَى عَسْكَرُ مَرْدَاوَيْجَ عَلَى رَامَهُرْمُزَ، أَوَّلَ شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَسَارُوا نَحْوَ الْأَهْوَازَ، فَوَقَفَ لَهُمْ يَاقُوتٌ عَلَى قَنْطَرَةِ أَرْبَقَ، فَلَمْ يُمَكِّنْهُمْ مِنَ الْعُبُورِ لِشِدَّةِ جَرْيَةِ الْمَاءِ، فَأَقَامُوا بِإِزَائِهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ رَحَلُوا فَعَبَرُوا عَلَى الْأَطْوَافِ نَهْرَ الْمُسْرَقَانِ، فَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى يَاقُوتٍ، وَقَدْ أَتَاهُ مَدَدٌ مِنْ بَغْدَاذَ قَبْلَ ذَلِكَ بِيَوْمَيْنِ، فَسَارَ بِهِمْ إِلَى قَرْيَةِ الرِّيخِ، وَسَارَ مِنْهَا إِلَى وَاسِطَ، وَبِهَا حِينَئِذٍ مُحَمَّدُ بْنُ رَائِقٍ، فَأَخْلَى لَهُ غَرْبِيَّ وَاسِطَ، فَنَزَلَ فِيهِ يَاقُوتٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute