وَلَمَّا بَلَغَ عِمَادَ الدَّوْلَةِ اسْتِيلَاءُ مَرْدَاوَيْجَ عَلَى الْأَهْوَازِ، كَاتَبَ نَائِبَ مَرْدَاوَيْجَ يَسْتَمِيلُهُ، وَيَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يَتَوَسَّطَ الْحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَرْدَاوَيْجَ، (فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَسَعَى فِيهِ، فَأَجَابَهُ مَرْدَاوَيْجُ) إِلَى ذَلِكَ عَلَى أَنْ يُطِيعَهُ وَيَخْطُبَ لَهُ، فَاسْتَقَرَّ الْحَالُ بَيْنَهُمَا، وَأَهْدَى لَهُ ابْنُ بُوَيْهِ هَدِيَّةً جَلِيلَةً، وَأَنْفَذَ أَخَاهُ رُكْنَ الدَّوْلَةِ رَهِينَةً، وَخَطَبَ لِمَرْدَاوَيْجَ فِي بِلَادِهِ، فَرَضِيَ مَرْدَاوَيْجُ مِنْهُ، وَاتُّفِقَ أَنَّهُ قُتِلَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ، فَقَوِيَ أَمْرُ ابْنِ بُوَيْهِ.
ذِكْرُ عَوْدِ يَاقُوتٍ إِلَى الْأَهْوَازِ
وَلَمَّا وَصَلَ يَاقُوتٌ إِلَى وَاسِطَ، أَقَامَ بِهَا إِلَى أَنْ قُتِلَ مَرْدَاوَيْجُ، وَمَعَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَرِيدِيُّ يَكْتُبُ لَهُ، فَلَمَّا قُتِلَ مَرْدَاوَيْجُ عَادَ يَاقُوتٌ إِلَى الْأَهْوَازِ، وَاسْتَوْلَى عَلَى تِلْكَ الْوَلَايَةِ، وَلَمَّا وَصَلَ يَاقُوتٌ إِلَى عَسْكَرِ مُكْرَمٍ، بَعْدَ قَتْلِ مَرْدَاوَيْجَ، كَانَتْ عَسَاكِرُ ابْنِ بُوَيْهِ قَدْ سَبَقَتْهُ، فَالْتَقَوْا بِنَوَاحِي أَرَّجَانَ، وَكَانَ ابْنُ بُوَيْهِ قَدْ لَحِقَ بِأَصْحَابِهِ، وَاشْتَدَّ قِتَالُهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَانْهَزَمَ يَاقُوتٌ، وَلَمْ يُفْلِحْ بَعْدَهَا.
وَرَاسَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَرِيدِيُّ ابْنَ بُوَيْهِ فِي الصُّلْحِ، فَأَجَابَ إِلَى ذَلِكَ، وَكَتَبَ بِهِ إِلَى الرَّاضِي، فَأَجَابَ (إِلَى ذَلِكَ) ، وَقَرَّرَ بِلَادَ فَارِسَ عَلَى ابْنِ بُوَيْهِ، وَاسْتَقَرَّ بِشِيرَازَ، وَاسْتَقَرَّ يَاقُوتٌ بِالْأَهْوَازِ وَمَعَهُ ابْنُ الْبَرِيدِيِّ.
وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ يَاقُوتٍ قَدْ سَارَ إِلَى بَغْدَاذَ وَتَوَلَّى الْحَجَبَةَ، وَخَلَعَ الرَّاضِيَ عَلَيْهِ، وَتَوَلَّى مَعَ الْحَجَبَةِ رِئَاسَةَ الْجَيْشِ، وَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي أَمْرِ الدَّوَاوِينِ، وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ بِأَنْ لَا يَقْبَلُوا تَوْقِيعًا بِوَلَايَةٍ وَلَا عَزْلٍ وَإِطْلَاقٍ إِلَّا إِذَا كَانَ خَطُّهُ عَلَيْهِ، وَأَمْرَهُمْ بِحُضُورِ مَجْلِسِهِ، فَصَبَرَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ مُقْلَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَلْزَمَ نَفْسَهُ بِالْمَصِيرِ إِلَى دَارِ يَاقُوتٍ، فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، وَبَقِيَ كَالْمُتَعَطِّلِ.
وَلَقَدْ كَانَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْقَلِيلَةِ حَوَادِثُ عَظِيمَةٌ مِنْهَا: انْصِرَافُ وَشْمَكِيرَ أَخِي مَرْدَاوَيْجَ عَنْ أَصْبَهَانَ بِكِتَابِ الْقَاهِرِ، بَعْدَ أَنْ مَلَكَهَا، وَاسْتِعْمَالُ الْقَاهِرِ مُحَمَّدِ بْنِ يَاقُوتٍ عَلَيْهَا، وَخَلْعُ الْقَاهِرِ، وَخِلَافَةُ الرَّاضِي، وَأَمْرُ الْحُجَّةِ لِمُحَمَّدِ بْنِ رَائِقٍ، ثُمَّ انْفِسَاخُهُ، وَمَسِيرُ مُحَمَّدِ بْنِ يَاقُوتٍ مِنْ رَامَهُرْمُزَ إِلَى بَغْدَاذَ، وَوَلَايَتُهُ الْحَجَبَةَ، بَعْدَ أَنْ كَانَ سَائِرًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute