الْحَالَ، فَوَاطَأَ ابْنَيِ الْبَرِيدِيِّ، وَكَتَبَ يُصَدِّقُهُمْ، فَحَصَّلَ لَهُمْ بِذَلِكَ مَالٌ عَظِيمٌ، وَقَوِيَتْ حَالُهُمْ، وَكَانَ مَبْلَغُ مَا أَخَذُوهُ أَرْبَعَةَ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ.
وَأَشَارَ ابْنُ الْبَرِيدِيِّ عَلَى يَاقُوتٍ بِالْمَسِيرِ إِلَى أَرَّجَانَ لِفَتْحِ فَارِسَ، وَقَامَ هُوَ بِجِبَايَةِ الْأَمْوَالِ مِنَ الْبِلَادِ، فَحَصَلَ مِنْهَا مَا أَرَادَ، فَلَمَّا سَارَ يَاقُوتٌ إِلَى فَارِسَ (فِي جُمُوعِهِ) لَقِيَهُ ابْنُ بُوَيْهِ بِبَابِ أَرَّجَانَ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ يَاقُوتٍ وَبَقِيَ إِلَى آخِرِهِمْ، ثُمَّ انْهَزَمَ وَسَارَ ابْنُ بُوَيْهِ خَلْفَهُ إِلَى رَامَهُرْمُزَ، وَسَارَ يَاقُوتٌ إِلَى عَسْكَرِ مَكْرَمٍ، وَأَقَامَ ابْنُ بُوَيْهِ بِرَامَهُرْمُزَ إِلَى أَنْ وَقَعَ الصُّلْحُ بَيْنَهُمَا.
ذِكْرُ فِتْنَةِ الْحَنَابِلَةِ بِبَغْدَاذَ
وَفِيهَا عَظُمَ أَمْرُ الْحَنَابِلَةِ، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُمْ، وَصَارُوا يَكْسِبُونَ مِنْ دُورِ الْقُوَّادِ وَالْعَامَّةِ، وَإِنْ وَجَدُوا نَبِيذًا أَرَاقُوهُ، وَإِنْ وَجَدُوا مُغَنِّيَةً ضَرَبُوهَا وَكَسَرُوا آلَةَ الْغِنَاءِ، وَاعْتَرَضُوا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَمَشَى الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، فَإِذَا رَأَوْا ذَلِكَ سَأَلُوهُ عَنِ الَّذِي مَعَهُ مَنْ هُوَ، فَأَخْبَرَهُمْ، وَإِلَّا ضَرَبُوهُ وَحَمَلُوهُ إِلَى صَاحِبِ الشُّرْطَةِ، وَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِالْفَاحِشَةِ، فَأَرْهَجُوا بَغْدَاذَ.
فَرَكِبَ بَدْرٌ الْخَرْشَنِيُّ، وَهُوَ صَاحِبُ الشُّرْطَةِ، عَاشِرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ وَنَادَى فِي جَانِبَيْ بَغْدَاذَ، فِي أَصْحَابِ أَبِي مُحَمَّدِ الْبَرْبَهَارِيِّ الْحَنَابِلَةِ، أَلَا يَجْتَمِعُ مِنْهُمُ اثْنَانِ وَلَا يَتَنَاظَرُوا فِي مَذْهَبِهِمْ، وَلَا يُصَلِّي مِنْهُمْ إِمَامٌ إِلَّا إِذَا جَهَرَ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْعِشَاءَيْنِ، فَلَمْ يُفِدْ فِيهِمْ، وَزَادَ شَرُّهُمْ وَفِتْنَتُهُمْ، وَاسْتَظْهَرُوا بِالْعُمْيَانِ الَّذِينَ كَانُوا يَأْوُونَ الْمَسَاجِدَ، وَكَانُوا إِذَا مَرَّ بِهِمْ شَافِعِيُّ الْمَذْهَبِ أَغْرَوْا بِهِ الْعُمْيَانَ، فَيَضْرِبُونَهُ بِعِصِيِّهِمْ، حَتَّى يَكَادَ يَمُوتُ.
فَخَرَجَ تَوْقِيعُ الرَّاضِي بِمَا يُقْرَأُ عَلَى الْحَنَابِلَةِ يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ فِعْلَهُمْ، وَيُوَبِّخُهُمْ بِاعْتِقَادِ التَّشْبِيهِ وَغَيْرِهِ، فَمِنْهُ تَارَةً أَنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ صُورَةَ وُجُوهِكُمُ الْقَبِيحَةِ السَّمِجَةِ عَلَى مِثَالِ رَبِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute