مُحَمَّدُ بْنُ يَاقُوتٍ لِلْحَجَبَةِ، وَمَعَهُ كَاتِبُهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْقَرَارِيطِيُّ، فَخَرَجَ الْخَدَمُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ يَاقُوتٍ، فَاسْتَدْعَوْهُ إِلَى الْخَلِيفَةِ، فَدَخَلَ مُبَادِرًا، فَعَدَلُوا بِهِ إِلَى حُجْرَةٍ هُنَاكَ، فَحَبَسُوهُ فِيهَا ثُمَّ اسْتَدْعَوُا الْقَرَارِيطِيَّ، فَدَخَلَ فَعَدَلُوا بِهِ إِلَى حُجْرَةٍ (أُخْرَى، ثُمَّ اسْتَدْعَوُا الْمُظَفَّرَ بْنَ يَاقُوتٍ مِنْ بَيْتِهِ، وَكَانَ مَخْمُورًا، فَحَضَرَ) ، فَحَبَسُوهُ أَيْضًا.
وَأَنْفَذَ الْوَزِيرُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ مُقْلَةَ إِلَى دَارِ مُحَمَّدٍ يَحْفَظُهَا مِنَ النَّهْبِ، وَكَانَ يَاقُوتٌ حِينَئِذٍ مُقِيمًا بِوَاسِطَ، فَلَمَّا بَلَغَهُ الْقَبْضُ عَلَى ابْنَيْهِ، انْحَدَرَ يَطْلُبُ فَارِسَ لِيُحَارِبَ ابْنَ بُوَيْهِ، وَكَتَبَ إِلَى الرَّاضِي يَسْتَعْطِفُهُ، وَيَسْأَلُهُ إِنْفَاذَ ابْنَيْهِ لِيُسَاعِدَاهُ عَلَى حُرُوبِهِ، فَاسْتَبَدَّ ابْنُ مُقْلَةَ بِالْأَمْرِ.
ذِكْرُ حَالِ الْبَرِيدِيِّ
وَفِيهَا قَوِيَ أَمْرُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَرِيدِيِّ، وَعَظُمَ شَأْنُهُ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ ضَامِنًا أَعْمَالَ الْأَهْوَازِ، فَلَمَّا اسْتَوْلَى عَلَيْهَا، عَسْكَرُ مَرْدَاوَيْجَ وَانْهَزَمَ يَاقُوتٌ، كَمَا ذَكَرْنَا، عَادَ الْبَرِيدِيُّ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَصَارَ يَتَصَرَّفُ فِي أَسَافِلِ أَعْمَالِ الْأَهْوَازِ، مُضَافًا إِلَى كِتَابَةِ يَاقُوتٍ، وَسَارَ إِلَى يَاقُوتٍ فَأَقَامَ مَعَهُ بِوَاسِطَ.
فَلَمَّا قُبِضَ عَلَى ابْنَيْ يَاقُوتٍ، كَتَبَ ابْنُ مُقْلَةَ إِلَى ابْنِ الْبَرِيدِيِّ يَأْمُرُهُ أَنْ يُسَكِّنَ يَاقُوتًا، وَيُعَرِّفَهُ أَنَّ الْجُنْدَ اجْتَمَعُوا وَطَلَبُوا الْقَبْضَ عَلَى وَلَدَيْهِ، فَقُبِضَا تَسْكِينًا لِلْجُنْدِ، وَأَنَّهُمَا يَسِيرَانِ إِلَى أَبِيهِمَا عَنْ قَرِيبٍ، وَأَنَّ الرَّأْيَ أَنْ يَسِيرَ هُوَ لِفَتْحِ فَارِسَ، فَسَارَ يَاقُوتٌ مِنْ وَاسِطَ عَلَى طَرِيقِ السُّوسِ، وَسَارَ الْبَرِيدِيُّ عَلَى طَرِيقِ الْمَاءِ إِلَى الْأَهْوَازِ، وَكَانَ إِلَى أَخَوَيْهِ أَبِي الْحُسَيْنِ وَأَبِي يُوسُفَ ضَمَانُ السُّوسِ وَجُنْدُ يَسَابُورَ، وَادَّعَيَا أَنَّ دَخْلَ الْبِلَادِ لِسَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] أَخَذَهُ عَسْكَرُ مَرْدَاوَيْجَ، وَأَنَّ دَخْلَ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] لَا يُحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ ; لِأَنَّ نُوَّابَ مَرْدَاوَيْجَ ظَلَمُوا النَّاسَ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ مَا يَزْرَعُونَهُ.
وَكَانَ الْأَمْرُ بِضِدِّ ذَلِكَ فِي السَّنَتَيْنِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الْوَزِيرَ ابْنَ مُقْلَةَ، فَأَنْفَذَ نَائِبًا لَهُ لِيُحَقِّقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute