فَسَارَ مَاكَانُ إِلَى الدَّامَغَانَ عَلَى الْمَفَازَةِ، فَتَوَجَّهَ إِلَيْهِ بَانْجِينُ الدَّيْلَمِيُّ مِنْ أَصْحَابِ وَشْمَكِيرَ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ، وَاسْتَمَدَّ مَاكَانُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُظَفَّرِ، وَهُوَ بِبِسْطَامٍ، فَأَمَدَّهُ بِجَمْعٍ كَثِيرٍ أَمَرَهُمْ بِتَرْكِ الْمُحَارِبَةِ إِلَى أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِمْ، فَخَالَفُوهُ وَحَارَبُوا بَانْجِينَ، فَلَمْ يَتَعَاوَنُوا وَتَخَاذَلُوا (فَهَزَمَهُمْ بَانْجِينُ) فَرَجَعُوا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْمُظَفَّرِ، وَخَرَجُوا إِلَى جُرْجَانَ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ بَانْجِينُ لِيَصُدَّهُمْ عَنْهَا، فَانْصَرَفُوا إِلَى نَيْسَابُورَ وَأَقَامُوا بِهَا وَجُعِلَتْ وَلَايَتُهَا لِمَاكَانَ بْنِ كَالِي وَأَقَامَ بِهَا، وَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَأَوَّلَ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ.
وَلَمَّا سَارَ مَاكَانُ عَنْ كَرْمَانَ، عَادَ إِلَيْهَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ إِلْيَاسَ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَصَفَتْ لَهُ بَعْدَ حُرُوبٍ لَهُ مَعَ جُنُودِ نَصْرٍ بِكَرْمَانَ، وَكَانَ الظَّفَرُ لَهُ أَخِيرًا، وَسَنَذْكُرُ بَاقِيَ خَبَرِهِمْ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ.
ذِكْرُ الْقَبْضِ عَلَى ابْنَيْ يَاقُوتٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي جُمَادَى الْأُولَى قَبَضَ الرَّاضِي بِاللَّهِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَالْمُظَفَّرِ ابْنَيْ يَاقُوتٍ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَزِيرَ أَبَا عَلِيِّ بْنِ مُقْلَةَ كَانَ قَدْ قَلِقَ لِتَحَكُّمِ مُحَمَّدِ بْنِ يَاقُوتٍ فِي الْمَمْلَكَةِ بِأَسْرِهَا، وَأَنَّهُ هُوَ لَيْسَ لَهُ حُكْمٌ فِي شَيْءٍ، فَسَعَى بِهِ إِلَى الرَّاضِي، وَأَدَامَ السِّعَايَةَ، فَبَلَغَ مَا أَرَادَهُ.
فَلَمَّا كَانَ خَامِسُ جُمَادَى الْأُولَى، رَكِبَ جَمِيعُ الْقُوَّادِ إِلَى دَارِ الْخَلِيفَةِ عَلَى عَادَتِهِمْ، وَحَضَرَ الْوَزِيرُ، وَأَظْهَرَ الرَّاضِي أَنَّهُ يُرِيدُ [أَنْ] يُقَلِّدَ جَمَاعَةً مِنَ الْقُوَّادِ أَعْمَالًا، وَحَضَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute