فَالْتَقُوهُ عَلَى أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ مُشَاةً حُفَاةً، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا.
وَأَمَّا أَصْحَابُهُ الَّذِينَ كَانُوا بِالْأَهْوَازِ وَأَعْمَاِلِهَا، فَإِنَّهُمْ لَمَّا بَلَغَهُمُ الْخَبَرُ كَتَمُوهُ، وَسَارُوا نَحْوَ الرَّيِّ، فَأَطَاعُوا وَشْمَكِيرَ أَيْضًا، وَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ.
وَلَمَّا قُتِلَ مَرْدَاوَيْجُ، كَانَ رُكْنُ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ رَهِينَةً عِنْدَهُ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ، فَبَذَلَ لِلْمُوَكَّلِينَ مَالًا فَأَطْلَقُوهُ، فَخَرَجَ إِلَى الصَّحْرَاءِ لِيَفُكَّ قُيُودَهُ، فَأَقْبَلَتْ بِغَالٍ عَلَيْهَا تَبْنٌ، وَعَلَيْهَا أَصْحَابُهُ وَغِلْمَانُهُ، فَأُلْقِي التِّبْنُ، وَكَسَرَ أَصْحَابُهُ قُيُودَهُ وَرَكِبُوا الدَّوَابَّ، وَنَجَوْا إِلَى أَخِيهِ عِمَادِ الدَّوْلَةِ بِفَارِسَ.
ذِكْرُ مَا فَعَلَهُ الْأَتْرَاكُ بَعْدَ قَتْلِهِ
لَمَّا قَتَلَ الْأَتْرَاكُ مَرْدَاوَيْجَ، هَرَبُوا وَافْتَرَقُوا فِرْقَتَيْنِ، فَفِرْقَةٌ سَارَتْ إِلَى عِمَادِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ (مَعَ خَجْخَجَ الَّذِي سَلَّمَهُ تُوزُونُ فِيمَا بَعْدُ، وَسَنَذْكُرُهُ) .
وَفِرْقَةٌ سَارَتْ نَحْوَ الْجَبَلِ مَعَ بُجْكُمَ، وَهِيَ أَكْثَرُهَا، فَجَبَوْا خَرَاجَ الدِّينَوَرِ وَغَيْرَهَا، وَسَارُوا إِلَى النَّهْرَوَانِ، فَكَاتَبُوا الرَّاضِيَ فِي الْمَسِيرِ إِلَى بَغْدَاذَ، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَدَخَلُوا بَغْدَاذَ، فَظَنَّ الْحَجَرِيَّةُ أَنَّهَا حِيلَةٌ عَلَيْهِمْ، فَطَلَبُوا رَدَّ الْأَتْرَاكِ إِلَى بَلَدِ الْجَبَلِ، فَأَمَرَهُمُ ابْنُ مُقْلَةَ بِذَلِكَ، وَأَطْلَقَ لَهُمْ مَالًا، فَلَمْ يَرْضَوْا بِهِ، وَغَضِبُوا، فَكَاتَبَهُمُ ابْنُ رَائِقٍ، وَهُوَ بِوَاسِطَ، وَلَهُ الْبَصْرَةُ أَيْضًا، فَاسْتَدْعَاهُمْ فَمَضَوْا إِلَيْهِ، وَقَدَّمَ عَلَيْهِمْ بُجْكُمَ، وَأَمَرَهُ بِمُكَاتَبَةِ الْأَتْرَاكِ وَالدَّيْلَمِ مِنْ أَصْحَابِ مَرْدَاوَيْجَ، فَكَاتَبَهُمْ، فَأَتَاهُ مِنْهُمْ عِدَّةٌ وَافِرَةٌ، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ، وَخَلَعَ عَلَيْهِمْ وَإِلَى بُجْكُمَ خَاصَّةً، وَأَمْرَهُ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى النَّاسِ بُجْكُمُ الرَّائِقِيُّ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمَا مَا نَذْكُرُهُ.
ذِكْرُ حَالِ وَشْمَكِيرَ بَعْدَ قَتْلِ أَخِيهِ
وَأَمَّا وَشْمَكِيرُ فَإِنَّهُ لَمَّا قُتِلَ أَخُوهُ، وَقَصَدَتْهُ الْعَسَاكِرُ الَّتِي كَانَتْ لِأَخِيهِ وَأَطَاعَتْهُ، وَأَقَامَ بِالرَّيِّ، فَكَتَبَ الْأَمِيرُ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ السَّامَّانِيُّ إِلَى أَمِيرِ جَيْشِهِ بِخُرَاسَانَ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ مُحْتَاجٍ، بِالْمَسِيرِ إِلَى قُومِسَ، وَكَتَبَ إِلَى مَاكَانَ بْنِ كَالِي، وَهُوَ بِكَرْمَانَ، بِالْمَسِيرِ عَنْهَا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْمُظَفَّرِ ; لِيَقْصِدُوا جُرْجَانَ وَالرَّيَّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute