ذِكْرُ مَسِيرِ ابْنِ مُقْلَةَ إِلَى الْمَوْصِلِ، وَمَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ
لَمَّا قَتَلَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ عَمَّهُ أَبَا الْعَلَاءِ وَاتَّصَلَ خَبَرُهُ بِالرَّاضِي، عَظُمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَهُ، وَأَمَرَ ابْنَ مُقْلَةَ بِالْمَسِيرِ إِلَى الْمَوْصِلِ، فَسَارَ إِلَيْهَا فِي الْعَسَاكِرِ فِي شَعْبَانَ، فَلَمَّا قَارَبَهَا، رَحَلَ عَنْهَا نَاصِرُ الدَّوْلَةِ بْنُ حَمْدَانَ، وَدَخَلَ الزَّوْزَانَ، وَتَبِعَهُ الْوَزِيرُ إِلَى جَبَلِ التِّنِّينِ، ثُمَّ عَادَ عَنْهُ وَأَقَامَ بِالْمَوْصِلِ يَجْبِي مَالَهَا.
وَلَمَّا طَالَ مَقَامُهُ بِالْمَوْصِلِ، احْتَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ ابْنِ حَمْدَانَ عَلَى وَلَدِ الْوَزِيرِ، وَكَانَ يَنُوبُ عَنْهُ فِي الْوِزَارَةِ بِبَغْدَاذَ، فَبَذَلَ لَهُ عَشَرَةَ آلَافِ دِينَارٍ لِيَكْتُبَ إِلَى أَبِيهِ يَسْتَدْعِيهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَقُولُ: إِنَّ الْأُمُورَ بِالْحَضْرَةِ قَدِ اخْتَلَّتْ، وَإِنْ تَأَخَّرَ لَمْ يَأْمَنْ حُدُوثَ مَا يُبْطِلُ بِهِ أَمْرَهُمْ، فَانْزَعَجَ الْوَزِيرُ لِذَلِكَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَوْصِلِ عَلِيَّ بْنَ خَلَفِ بْنِ طِيَّابٍ وَمَاكِرْدَ الدَّيْلَمَيَّ، وَهُوَ مِنَ السَّاجِيَّةِ، وَانْحَدَرَ إِلَى بَغْدَاذَ مُنْتَصَفَ شَوَّالٍ.
فَلَمَّا فَارَقَ الْمَوْصِلَ، عَادَ إِلَيْهَا نَاصِرُ الدَّوْلَةِ بْنُ حَمْدَانَ، فَاقْتَتَلَ هُوَ وَمَاكِرْدُ الدَّيْلَمَيُّ، فَانْهَزَمَ ابْنُ حَمْدَانَ، ثُمَّ عَادَ وَجَمَعَ عَسْكَرًا آخَرَ، فَالْتَقَوْا عَلَى نَصِيبِينَ فِي ذِي الْحِجَّةِ، فَانْهَزَمَ مَاكِرْدُ إِلَى الرَّقَّةِ، وَانْحَدَرَ مِنْهَا إِلَى بَغْدَاذَ، وَانْحَدَرَ أَيْضًا ابْنُ طِيَّابٍ، وَاسْتَوْلَى ابْنُ حَمْدَانَ عَلَى الْمَوْصِلِ وَالْبِلَادِ، وَكَتَبَ إِلَى الْخَلِيفَةِ يَسْأَلُهُ الصَّفْحَ، وَأَنْ يَضْمَنَ الْبِلَادَ، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ وَاسْتَقَرَّتِ الْبِلَادُ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute