وَفِيهَا مَاتَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَاقُوتٍ فِي الْحَبْسِ بِنَفْثِ الدَّمِ، فَأُحْضِرَ الْقَاضِي وَالشُّهُودُ (وَعُرِضَ عَلَيْهِمْ) ، فَلَمْ يَرَوْا بِهِ أَثَرَ ضَرْبٍ وَلَا خَنْقٍ، وَجَذَبُوا شَعْرَهُ فَلَمْ يَكُنْ مَسْمُومًا، فَسُلِّمَ إِلَى أَهْلِهِ، وَأَخَذُوا مَالَهُ وَأَمْلَاكَهُ وَمُعَامِلِيهِ وَوُكَلَاءَهُ وَكُلَّ مَنْ يُخَالِطُهُ.
وَفِيهَا كَانَ بِخُرَاسَانَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ، وَمَاتَ مِنْ أَهْلِهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْجُوعِ، فَعَجَزَ النَّاسُ عَنْ دَفْنِهِمْ، فَكَانُوا يَجْمَعُونَ الْغُرَبَاءَ وَالْفُقَرَاءَ فِي دَارٍ إِلَى أَنْ يَتَهَيَّأَ لَهُمْ تَكْفِينُهُمْ وَدَفْنُهُمْ.
وَفِيهَا جَهَّزَ عِمَادُ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ أَخَاهُ رُكْنَ الدَّوْلَةِ الْحَسَنَ إِلَى بِلَادِ الْجَبَلِ، وَسَيَّرَ مَعَهُ الْعَسَاكِرَ بَعْدَ عَوْدِهِ لَمَّا قُتِلَ مَرْدَاوَيْجُ، فَسَارَ إِلَى أَصْبَهَانَ، فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَأَنْزَلَ عَنْهَا وَعَنْ عِدَّةٍ مِنْ بِلَادِ الْجَبَلِ نُوَّابَ وَشْمَكِيرَ، وَأَقْبَلَ وَشْمَكِيرُ وَجَهَّزَ الْعَسَاكِرَ نَحْوَهُ، وَبَقِيَ هُوَ وَشْمَكِيرُ يَتَنَازَعَانِ تِلْكَ الْبِلَادَ، وَهِيَ أَصْبَهَانُ وَهَمَذَانُ، وَقُمُّ، وَقَاجَانُ، وَكَرَجُ، وَالرَّيُّ، وَكِنْكِوَرُ، وَقَزْوِينُ وَغَيْرُهَا.
وَفِيهَا فِي آخِرِ جُمَادَى الْآخِرَةِ، شَغَبَ الْجُنْدُ بِبَغْدَاذَ، وَقَصَدُوا دَارَ الْوَزِيرِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ مُقْلَةَ وَابْنِهِ، وَزَادَ شَغَبُهُمْ، فَمَنَعَهُمْ أَصْحَابُ ابْنِ مُقْلَةَ، فَاحْتَالَ الْجُنْدُ وَنَقَبُوا دَارَ الْوَزِيرِ مِنْ ظَهْرِهَا وَدَخَلُوهَا، وَمَلَكُوهَا وَهَرَبَ الْوَزِيرُ وَابْنُهُ إِلَى الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، فَلَمَّا سَمِعَ السَّاجِيَّةُ بِذَلِكَ، رَكِبُوا إِلَى دَارِ الْوَزِيرِ، وَرَفَقُوا بِالْجُنْدِ فَرَدُّوهُمْ، وَعَادَ الْوَزِيرُ وَابْنُهُ إِلَى مَنَازِلِهِمَا.
وَاتَّهَمَ الْوَزِيرُ بِإِثَارَةِ هَذِهِ الْفِتْنَةِ بَعْضَ أَصْحَابِ ابْنِ يَاقُوتٍ، فَأَمَرَ فَنُودِيَ أَنْ لَا يُقِيمَ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِمَدِينَةِ السَّلَامِ، ثُمَّ عَاوَدَ الْجُنْدُ الشَّغَبَ حَادِيَ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ، وَنَقَبُوا دَارَ الْوَزِيرِ عِدَّةَ نَقُوبٍ، فَقَاتَلَهُمْ غِلْمَانُهُ وَمَنَعُوهُمْ، فَرَكِبَ صَاحِبُ الشُّرْطَةِ، وَحَفِظَ السُّجُونَ حَتَّى لَا تُفْتَحَ، ثُمَّ سَكَنُوا مِنَ الشَّغَبِ.
(وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أُطْلِقَ الْمُظَفَّرُ بْنُ يَاقُوتٍ مِنْ حَبْسِ الرَّاضِي بِاللَّهِ بِشَفَاعَةِ الْوَزِيرِ ابْنِ مُقْلَةَ، وَحَلَفَ لِلْوَزِيرِ أَنَّهُ يُوَالِيهِ وَلَا يَنْحَرِفُ عَنْهُ، وَلَا يَسْعَى لَهُ وَلَا لِوَلَدِهِ بِمَكْرُوهٍ، فَلَمْ يَفِ لَهُ (وَلَا لِوَلَدِهِ) وَوَافَقَ الْحَجَرِيَّةَ عَلَيْهِ، فَجَرَى فِي حَقِّهِ مَا يَكْرَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute