للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَجَبَّرَ الْبَرِيدِيُّ بَعْدَ يَاقُوتٍ وَعَصَى، وَقَدْ أَطَلْنَا فِي ذِكْرِ هَذِهِ الْحَادِثَةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهَا عَلَى طُولِهَا لِمَا فِيهَا مِنَ الْأَسْبَابِ الْمُحَرِّضَةِ عَلَى الِاحْتِيَاطِ وَالِاحْتِرَازِ، فَإِنَّهَا مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا فِيهَا تَجَارِبُ وَأُمُورٌ يَكْثُرُ وُقُوعُ مِثْلِهَا.

ذِكْرُ عَزْلِ أَبِي جَعْفَرٍ وَوِزَارَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَسَنِ

لَمَّا تَوَلَّى الْوَزِيرُ أَبُو جَعْفَرٍ الْكَرْخِيُّ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ، رَأَى قِلَّةَ الْأَمْوَالِ وَانْقِطَاعَ الْمَوَادِّ، فَازْدَادَ عَجْزًا إِلَى عَجْزِهِ، وَضَاقَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ.

وَمَا زَالَتِ الْإِضَاقَةُ تَزِيدُ، وَطَمَعُ مَنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْمُعَامِلِينَ فِيمَا عِنْدَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ، وَقَطَعَ ابْنُ رَائِقٍ حِمْلَ وَاسِطَ وَالْبَصْرَةِ، وَقَطَعَ الْبَرِيدِيُّ حِمْلَ الْأَهْوَازِ وَأَعْمَالِهَا.

وَكَانَ ابْنُ بُوَيْهِ قَدْ تَغَلَّبَ عَلَى فَارِسَ، فَتَحَيَّرَ أَبُو جَعْفَرٍ، وَكَثُرَتِ الْمُطَالَبَاتُ عَلَيْهِ، وَنَقُصَتْ هَيْبَتُهُ، وَاسْتَتَرَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَنِصْفٍ مِنْ وِزَارَتِهِ، فَلَمَّا اسْتَتَرَ اسْتَوْزَرَ الرَّاضِي أَبَا الْقَاسِمِ سُلَيْمَانَ بْنَ الْحَسَنِ، فَكَانَ فِي الْوِزَارَةِ كَأَبِي جَعْفَرٍ فِي وُقُوفِ الْحَالِ وَقِلَّةِ الْمَالِ.

ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ ابْنِ رَائِقٍ عَلَى أَمْرِ الْعِرَاقِ وَتَفَرُّقِ الْبِلَادِ

لَمَّا رَأَى الرَّاضِي وُقُوفَ الْحَالِ عِنْدَهُ، أَلْجَأَتْهُ الضَّرُورَةُ إِلَى أَنْ رَاسَلَ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ رَائِقٍ وَهُوَ بِوَاسِطَ، يَعْرِضُ عَلَيْهِ إِجَابَتَهُ إِلَى مَا كَانَ بَذَلَهُ مِنَ الْقِيَامِ بِالنَّفَقَاتِ وَأَرْزَاقِ الْجُنْدِ بِبَغْدَاذَ، فَلَمَّا أَتَاهُ الرَّسُولُ بِذَلِكَ فَرِحَ بِهِ، وَشَرَعَ يَتَجَهَّزُ لِلْمَسِيرِ إِلَى بَغْدَاذَ، فَأَنْفَذَ إِلَيْهِ الرَّاضِي السَّاجِيَّةَ، وَقَلَّدَهُ إِمَارَةَ الْجَيْشِ، وَجَعْلَهُ أَمِيرَ الْأُمَرَاءِ، وَوَلَّاهُ الْخَرَاجَ وَالْمُعَاوِنَ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ وَالدَّوَاوِينِ، وَأَمَرَ بِأَنْ يُخْطَبَ لَهُ عَلَى جَمِيعِ الْمَنَابِرِ، وَأَنْفَذَ إِلَيْهِ الْخِلَعَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>