الصُّلْحِ، فَأَصْغَى الْأَمِيرُ أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ إِلَى ذَلِكَ لِحَدَاثَةِ سِنِّهِ، وَجَمَعَ أَصْحَابَهُ وَأَسْرَى نَحْوَهُمْ جَرِيدَةً.
وَكَانَ عَلِيٌّ مُحْتَرِزًا وَمَنْ مَعَهُ قَدْ وَضَعُوا الْعُيُونَ عَلَى ابْنِ بُوَيْهِ، (فَسَاعَةَ تَحَرَّكَ بَلَغَتْهُ الْأَخْبَارُ، فَجَمَعَ أَصْحَابَهُ وَرَتَّبَهُمْ بِمَضِيقٍ عَلَى الطَّرِيقِ، فَلَمَّا اجْتَازَ بِهِمُ ابْنُ بُوَيْهِ) ثَارُوا بِهِ لَيْلًا مِنْ جَوَانِبِهِ، فَقَتَلُوا فِي أَصْحَابِهِ، وَأَسَرُوا، وَلَمْ يَفْلِتْ مِنْهُمْ إِلَّا الْيَسِيرُ، وَوَقَعَتْ بِالْأَمِيرِ أَبِي الْحُسَيْنِ ضَرَبَاتٌ كَثِيرَةٌ، وَوَقَعَتْ ضَرْبَةٌ مِنْهَا فِي يَدِهِ الْيُسْرَى فَقَطَعَتْهَا مِنْ نِصْفِ الذِّرَاعِ، وَأَصَابَ يَدَهُ الْيُمْنَى ضَرْبَةٌ أُخْرَى سَقَطَ [مِنْهَا] بَعْضُ أَصَابِعِهِ، وَسَقَطَ مُثْخِنًا بِالْجِرَاحِ بَيْنَ الْقَتْلَى، وَبَلَغَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ إِلَى جِيرَفْتَ، فَهَرَبَ كُلُّ مَنْ كَانَ بِهَا مِنْ أَصْحَابِهِ.
وَلَمَّا أَصْبَحَ عَلِيٌّ كَلِوَيْهِ تَتَبَّعَ الْقَتْلَى، فَرَأَى الْأَمِيرَ أَبَا الْحُسَيْنِ قَدْ أَشْرَفَ عَلَى التَّلَفِ، فَحَمَلَهُ إِلَى جِيرَفْتَ، وَأَحْضَرَ لَهُ الْأَطِبَّاءَ، وَبَالَغَ فِي عِلَاجِهِ، وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، وَأَنْفَذَ رُسُلَهُ يَعْتَذِرُ إِلَى أَخِيهِ عِمَادِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ، وَيُعَرِّفُهُ غَدْرَ أَخِيهِ، وَيَبْذُلُ مِنْ نَفْسِهِ الطَّاعَةَ، فَأَجَابَهُ عِمَادُ الدَّوْلَةِ إِلَى مَا بَذَلَهُ، وَاسْتَقَرَّ بَيْنَهُمَا الصُّلْحُ، وَأَطْلَقَ عَلِيٌّ كُلَّ مَنْ عِنْدَهُ مِنَ الْأَسْرَى وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ.
وَوَصَلَ الْخَبَرُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِلْيَاسَ بِمَا جَرَى عَلَى أَحْمَدَ بْنِ بُوَيْهِ، فَسَارَ مِنْ سِجِسْتَانَ إِلَى الْبَلَدِ الْمَعْرُوفِ بِجَنَابَةَ، فَتَوَجَّهَ إِلَيْهِ ابْنُ بُوَيْهِ، وَوَاقِعَهُ وَدَامَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمَا عِدَّةَ أَيَّامٍ، فَانْهَزَمَ ابْنُ إِلْيَاسَ، وَعَادَ أَحْمَدُ بْنُ بُوَيْهِ ظَافِرًا، وَسَارَ (نَحْوَ عَلِيٍّ) كَلِوَيْهِ لِيَنْتَقِمَ مِنْهُ، فَلَمَّا قَارَبَهُ أَسْرَى إِلَيْهِ فِي أَصْحَابِهِ الرَّجَّالَةِ، فَكَبَسُوا عَسْكَرَهُ لَيْلًا فِي لَيْلَةٍ شَدِيدَةِ الْمَطَرِ، فَأَثَّرُوا فِيهِمْ وَقَتَلُوا وَنَهَبُوا وَعَادُوا، وَبَقِيَ ابْنُ بُوَيْهِ بَاقِيَ لَيْلَتِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ سَارَ نَحْوَهُمْ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ عَدَدَاً كَثِيرًا، وَانْهَزَمَ عَلِيٌّ كَلِوَيْهِ.
وَكَتَبَ ابْنُ بُوَيْهِ إِلَى أَخِيهِ عِمَادِ الدَّوْلَةِ بِمَا جَرَى لَهُ مَعَهُ وَمَعَ ابْنِ إِلْيَاسَ وَهَزِيمَتِهِ، فَأَجَابَهُ أَخُوهُ يَأْمُرُهُ بِالْوُقُوفِ بِمَكَانِهِ وَلَا يَتَجَاوَزُهُ، وَأَنْفَذَ إِلَيْهِ قَائِدًا مِنْ قُوَّادِهِ يَأْمُرُهُ بِالْعَوْدِ إِلَيْهِ إِلَى فَارِسَ، وَيُلْزِمُهُ بِذَلِكَ، فَعَادَ إِلَى أَخِيهِ، وَأَقَامَ عِنْدَهُ بِإِصْطَخْرَ إِلَى أَنْ قَصْدَهُمْ أَبُو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute