للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِتَالُ، وَحَامَى أَهْلُ الْبَصْرَةِ) ، وَشَتَمُوا ابْنَ رَائِقٍ، فَلَمَّا رَأَى بُجْكُمُ ذَلِكَ هَالَهُ، وَقَالَ لِابْنِ رَائِقٍ: مَا الَّذِي عَمِلْتَ بِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ حَتَّى أَحْوَجْتَهُمْ إِلَى هَذَا؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَدْرِي. وَعَادَ ابْنُ رَائِقٍ وَبُجْكُمَ إِلَى مُعَسْكَرِهِمَا.

وَأَمَّا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَرِيدِيُّ فَإِنَّهُ سَارَ مِنْ جَزِيرَةِ أُوَالَ إِلَى عِمَادِ الدَّوْلَةِ ابْنِ بُوَيْهِ، وَاسْتَجَارَ بِهِ، وَأَطْمَعَهُ فِي الْعِرَاقِ، وَهُوَ عَلَيْهِ أَمْرُ الْخَلِيفَةِ وَابْنُ رَائِقٍ، فَنَفِذَ مَعَهُ أَخَاهُ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ.

فَلَمَّا سَمِعَ ابْنُ رَائِقٍ بِإِقْبَالِهِمْ مِنْ فَارِسَ إِلَى الْأَهْوَازِ، سَيَّرَ بُجْكُمُ إِلَيْهَا، فَامْتَنَعَ مِنَ الْمَسِيرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِلَيْهِ الْحَرْبُ وَالْخَرَاجُ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ وَسَيَّرَهُ إِلَيْهَا.

ثُمَّ إِنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ الْبَرِيدِيِّ قَصَدُوا عَسْكَرَ ابْنِ رَائِقٍ لَيْلًا، فَصَاحُوا فِي جَوَانِبِهِ فَانْهَزَمُوا، فَلَمَّا رَأَى ابْنُ رَائِقٍ ذَلِكَ، أَمَرَ بِإِحْرَاقِ سَوَادِهِ وَآلَاتِهِ ; لِئَلَّا يَغْنَمَهُ الْبَرِيدِيُّ، وَسَارَ إِلَى الْأَهْوَازِ جَرِيدَةً، فَأَشَارَ جَمَاعَةٌ عَلَى بُجْكُمَ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَفْعَلْ، وَأَقَامَ ابْنُ رَائِقٍ أَيَّامًا، وَعَادَ إِلَى وَاسِطَ، وَكَانَ بَاقِي عَسْكَرِهِ قَدْ سَبَقُوهُ إِلَيْهَا.

ذِكْرُ الْفِتْنَةِ بَيْنَ أَهْلِ صِقِلِّيَةَ وَأُمَرَائِهِمْ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَالَفَ أَهْلُ جُرْجَنْتَ، وَهِيَ مِنْ بِلَادِ صِقِلِّيَةَ عَلَى أَمِيرِهِمْ سَالِمِ بْنِ رَاشِدٍ، وَكَانَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَيْهِمُ الْقَائِمُ الْعَلَوِيُّ، صَاحِبُ إِفْرِيقِيَّةَ، وَكَانَ سَيِّئَ السِّيرَةِ فِي النَّاسِ، فَأَخْرَجُوا عَامِلَهُ عَلَيْهِمْ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِمْ سَالِمٌ جَيْشًا كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ صِقِلِّيَةَ وَإِفْرِيقِيَّةَ، فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ قِتَالٍ، فَهَزَمَهُمْ أَهْلُ جُرْجَنْتَ، وَتَبِعَهُمْ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ سَالِمٌ وَلَقِيَهُمْ، وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ وَعَظُمَ الْخَطْبُ، فَانْهَزَمَ أَهْلُ جُرْجَنْتَ فِي شَعْبَانَ.

فَلَمَّا رَأَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ خِلَافَ أَهْلِ جُرْجَنْتَ، خَرَجُوا أَيْضًا عَلَى سَالِمٍ وَخَالَفُوهُ، وَعَظُمَ شَغَبُهُمْ عَلَيْهِ، وَقَاتَلُوهُ فِي ذِي الْقِعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَهَزَمَهُمْ وَحَصَرَهُمْ فِي الْمَدِينَةِ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْقَائِمِ بِالْمَهْدِيَّةِ يُعَرِّفُهُ أَنَّ أَهْلَ صِقِلِّيَةَ قَدْ خَرَجُوا عَنْ طَاعَتِهِ، وَخَالَفُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>