للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ رَجَعَ عَسْكَرُهُ، وَأَضَافَ إِلَيْهِمْ مَنْ لَمْ يَشْهَدِ الْوَقْعَةَ، فَبَلَغُوا سِتَّةَ آلَافِ رَجُلٍ، وَسَيَّرَهُمْ مَعَ الْحَمَّالِ أَيْضًا، فَالْتَقَوْا عِنْدَ نَهْرِ تُسْتَرَ، فَبَادَرَ بُجْكُمُ فَعَبَرَ النَّهْرَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، فَلَمَّا رَآهُ أَصْحَابُ الْبَرِيدِيِّ، انْهَزَمُوا مِنْ غَيْرِ حَرْبٍ، فَلَمَّا رَآهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَرِيدِيُّ، رَكِبَ هُوَ وَإِخْوَتُهُ وَمَنْ يَلْزَمُهُ فِي السُّفُنِ، فَأَخَذَ مَعَهُ مَا بَقِيَ عِنْدَهُ مِنَ الْمَالِ، وَهُوَ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، فَغَرِقَتِ السَّفِينَةُ بِهِمْ، فَأَخْرَجَهُمُ الْغَوَّاصُونَ وَقَدْ كَادُوا يَغْرَقُونَ، وَأُخْرِجَ (بَعْضُ الْمَالِ، وَأُخْرِجَ) بَاقِي الْمَالِ لِبُجْكُمَ، وَوَصَلُوا إِلَى الْبَصْرَةِ، فَأَقَامُوا بِالْأُبُلَّةِ، وَأَعَدُّوا الْمَرَاكِبَ لِلْهَرَبِ إِنِ انْهَزَمَ إِقْبَالٌ.

وَسَيَّرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَرِيدِيُّ غُلَامَهُ إِقْبَالًا إِلَى مَطَارَا، وَسَيَّرَ مَعَهُ جَمْعًا مِنْ فِتْيَانِ الْبَصْرَةِ، فَالْتَقَوْا بِمَطَارَا مَعَ أَصْحَابِ ابْنِ رَائِقٍ، فَانْهَزَمَتِ الرَّائِقِيَّةُ، وَأُسِرَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ، فَأَطْلَقَهُمُ الْبَرِيدِيُّ، وَكَتَبَ إِلَى ابْنِ رَائِقٍ يَسْتَعْطِفُهُ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ جَمَاعَةً مِنْ أَعْيَانِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ، وَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَحْلِفَ لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ لِيَكُونُوا مَعَهُ وَيُسَاعِدُوهُ، فَامْتَنَعَ وَحَلَفَ لَئِنْ ظَفِرَ بِهَا لَيَحْرِقَنَّهَا، وَيَقْتُلُ كُلَّ مَنْ فِيهَا، فَازْدَادُوا بَصِيرَةً فِي قِتَالِهِ.

وَاطْمَأَنَّ الْبَرِيدِيُّونَ بَعْدَ انْهِزَامِ عَسْكَرِ ابْنِ رَائِقٍ، وَأَقَامُوا حِينَئِذٍ بِالْبَصْرَةِ، وَاسْتَوْلَى بُجْكُمُ عَلَى الْأَهْوَازِ، فَلَمَّا بَلَغَ ابْنَ رَائِقٍ هَزِيمَةُ أَصْحَابِهِ، جَهَّزَ جَيْشًا آخَرَ وَسَيَّرَهُ إِلَى الْبَرِّ وَالْمَاءِ، (فَالتَقَى عَسْكَرُهُ الَّذِي عَلَى الظَّهْرِ مَعَ عَسْكَرِ الْبَرِيدِيِّ، فَانْهَزَمَ الرَّائِقِيَّةُ، وَأَمَّا الْعَسْكَرُ الَّذِي فِي الْمَاءِ) ، فَإِنَّهُمُ اسْتَوْلَوْا عَلَى الْكِلَاءِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَرِيدِيُّ، رَكِبَ فِي السُّفُنِ وَهَرَبَ إِلَى جَزِيرَةِ أُوَالَ، وَتَرَكَ أَخَاهُ أَبَا الْحُسَيْنِ بِالْبَصْرَةِ فِي عَسْكَرٍ يَحْمِيهَا، فَخَرَجَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ مَعَ أَبِي الْحُسَيْنِ لِدَفْعِ عَسْكَرِ ابْنِ رَائِقٍ عَنِ الْكِلَاءِ، فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى أَجْلَوْهُمْ عَنْهُ.

فَلَمَّا اتَّصَلَ ذَلِكَ بِابْنِ رَائِقٍ، سَارَ بِنَفْسِهِ مِنْ وَاسِطَ إِلَى الْبَصْرَةِ عَلَى الظَّهْرِ، وَكَتَبَ إِلَى بُجْكُمَ لِيَلْحَقَ بِهِ، فَأَتَاهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ مِنَ الْجُنْدِ، فَتَقَدَّمُوا وَقَاتَلُوا أَهْلَ الْبَصْرَةِ، (فَاشْتَدَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>