قِتَالِ لَشْكُرِيِّ، وَيَأْتِي هُوَ مِنْ وَرَائِهِ، فَفَعَلَ وَسَارَ نَحْوَهُمْ، وَظَهَرُوا يَوْمَ الْمَوْعِدِ فِي عَدَدٍ كَثِيرٍ، وَقَاتَلُوا لَشْكُرِيَّ، وَأَتَاهُ دَيْسَمُ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ، فَانْهَزَمَ أَقْبَحَ هَزِيمَةٍ، وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَانْحَازَ إِلَى مُوقَانَ، فَأَكْرَمَهُ أَصْبَهْبَذُهَا وَيُعْرَفُ بِابْنِ دَوْلَةٍ، (وَأَحْسَنَ ضِيَافَتَهُ.
وَجَمَعَ لَشْكُرِيُّ وَسَارَ نَحْوَ دَيْسَمَ، وَسَاعَدَهُ ابْنُ دَوْلَةٍ) ، فَهَرَبَ دَيْسَمُ (وَعَبَرَ نَهْرَ أُرْسَ، وَعَبَرَ بَعْضُ أَصْحَابِ لَشْكُرِيِّ إِلَيْهِ، فَانْهَزَمَ دَيْسَمُ) ، وَقَصَدَ وَشْمَكِيرَ، وَهُوَ بِالرَّيِّ، وَخَوَّفَهُ مَنْ لَشْكُرِيِّ، وَبَذَلَ لَهُ مَالًا كُلَّ سَنَةٍ لِيُسَيِّرَ مَعَهُ عَسْكَرًا، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ وَسَيَّرَ مَعَهُ عَسْكَرًا، وَكَاتَبَ عَسْكَرُ لَشْكُرِيِّ وَشْمَكِيرَ يُعْلِمُونَهُ بِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ طَاعَتِهِ، وَأَنَّهُمْ مَتَى رَأَوْا عَسْكَرَهُ صَارُوا مَعَهُ عَلَى لَشْكُرِيِّ، فَظَفِرَ لَشْكُرِيُّ بِالْكُتُبِ، فَكَتَمَ ذَلِكَ عَنْهُمْ، فَلَمَّا قَرُبَ مِنْهُ عَسْكَرُ وَشْمَكِيرَ، جَمَعَ أَصْحَابَهُ وَأَعْلَمَهُمْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يَقْوَى بِهِمْ، وَأَنَّهُ يَسِيرُ بِهِمْ نَحْوَ الزَّوْزَانَ، وَيَنْهَبُ مَنْ عَلَى طَرِيقِهِ مِنَ الْأَرْمَنِ، وَيَسِيرُ نَحْوَ الْمَوْصِلِ وَيَسْتَوْلِي عَلَيْهَا وَعَلَى غَيْرِهَا، فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ، فَسَارَ بِهِمْ إِلَى أَرْمِينِيَّةَ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ، فَنَهَبَ وَغَنِمَ وَسَبَى، وَانْتَهَى إِلَى الزَّوْزَانَ وَمَعَهُمُ الْغَنَائِمُ، فَنَزَلَ بِوَلَايَةِ إِنْسَانٍ أَرْمَنِيٍّ، وَبَذَلَ لَهُ مَالًا لِيَكُفَّ عَنْهُ وَعَنْ بِلَادِهِ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ.
ثُمَّ إِنَّ الْأَرْمَنِيَّ كَمَنَ كَمِينًا فِي مَضِيقٍ هُنَاكَ، وَأَمَرَ بَعْضَ الْأَرْمَنَ أَنْ يَنْهَبَ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِ لَشْكُرِيَّ وَيَسْلُكُ ذَلِكَ الْمَضِيقَ، فَفَعَلُوا، وَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى لَشْكُرِيَّ، فَرَكِبَ فِي خَمْسَةِ أَنْفُسٍ، فَسَارَ وَرَاءَهُمْ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ الْكَمِينُ فَقَتَلُوهُ وَمَنْ مَعَهُ، وَلَحِقَهُ عَسْكَرُهُ، فَرَأَوْهُ قَتِيلًا وَمَنْ مَعَهُ، فَعَادُوا وَوَلَّوْا عَلَيْهِمُ ابْنَهُ لَشْكُرِسْتَانَ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَسِيرُوا عَلَى عَقَبَةِ التِّنِّينِ، وَهِيَ تُجَاوِزُ الْجُودِيَّ، وَيُحْرِزُوا سَوَادَهُمْ، وَيَرْجِعُوا إِلَى بَلَدِ طَرْمَ الْأَرْمَنِيِّ فَيُدْرِكُوا آثَارَهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ طَرْمَ، فَرَتَّبَ الرِّجَالَ عَلَى تِلْكَ الْمَضَايِقِ يَرْمُونَهُمْ بِالْحِجَارَةِ، وَيَمْنَعُونَهُمُ الْعُبُورَ، فَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَسَلِمَ الْقَلِيلُ مِنْهُمْ، وَفِيمَنْ سَلِمَ لَشْكُرِسْتَانُ، وَسَارَ فِيمَنْ مَعَهُ إِلَى نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ بِالْمَوْصِلِ، فَأَقَامَ بَعْضُهُمْ عِنْدَهُ وَانْحَدَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَغْدَاذَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute