النُّقُرِيَّ أَيْضًا كَمَا كَانَ يُخْلِفُ أَبَا الْفَتْحِ.
ذِكْرُ مُخَالَفَةِ بِالُبَا عَلَى الْخَلِيفَةِ
كَانَ بُجْكُمُ قَدِ اسْتَنَابَ بَعْضَ قُوَّادِهِ الْأَتْرَاكِ وَيُعْرَفُ بِبَالُبَا عَلَى الْأَنْبَارِ، فَكَاتَبَهُ يَطْلُبُ أَنْ يُقَلَّدَ أَعْمَالَ طَرِيقِ الْفُرَاتِ بِأَسْرِهَا لِيَكُونَ فِي وَجْهِ ابْنِ رَائِقٍ وَهُوَ بِالشَّامِ، فَقَلَّدَهُ بُجْكُمُ ذَلِكَ، فَسَارَ إِلَى الرَّحْبَةِ، وَكَاتَبَ ابْنَ رَائِقٍ، وَخَالَفَ عَلَى بُجْكُمَ وَالرَّاضِي، وَأَقَامَ الدَّعْوَةَ لِابنِ رَائِقٍ وَعَظُمَ أَمْرُهُ.
فَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى بُجْكُمَ فَسَيَّرَ طَائِفَةً مِنْ عَسْكَرِهِ وَأَمَرَهَمْ بِالْجِدِّ، وَأَنْ يَطْوُوا الْمَنَازِلَ وَيَسْبِقُوا خَبَرَهُمْ وَيَكْبِسُوا بِالرَّحْبَةِ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، فَوَصَلُوا إِلَى الرَّحْبَةِ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ، وَدَخَلُوهَا عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ بَالُبَا، وَهُوَ يَأْكُلُ الطَّعَامَ، فَلَمَّا بَلَغَهُ الْخَبَرُ، اخْتَفَى عِنْدَ إِنْسَانٍ حَائِكٍ، ثُمَّ ظَفِرُوا بِهِ فَأَخَذُوهُ وَأَدْخَلُوهُ بَغْدَاذَ عَلَى جَمَلٍ ثُمَّ حُبِسَ، فَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ.
ذِكْرُ وَلَايَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ مُحْتَاجٍ خُرَاسَانَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَعْمَلَ الْأَمِيرُ السَّعِيدُ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ عَلَى خُرَاسَانَ وَجُيُوشِهَا أَبَا عَلِيٍّ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُظَفَّرِ بْنِ مُحْتَاجٍ، وَعَزَلَ أَبَاهُ وَاسْتَقْدَمَهُ إِلَى بُخَارَى.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ مَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا طَالَ بِهِ، فَأَنْفَذَ السَّعِيدَ فَأَحْضَرَ ابْنَهُ أَبَا عَلِيٍّ مِنَ الصَّغَانِيَانِ، وَاسْتَعْمَلَهُ مَكَانَ أَبِيهِ، وَسَيَّرَهُ إِلَى نَيْسَابُورَ، وَكَتَبَ إِلَى أَبِيهِ يَسْتَدْعِيهِ إِلَيْهِ، فَسَارَ عَنْ نَيْسَابُورَ، فَلَقِيَهُ وَلَدُهُ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاحِلَ مِنْ نَيْسَابُورَ، فَعَرَّفَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ، وَسَارَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى بُخَارَى مَرِيضًا، وَدَخَلَ وَلَدُهُ أَبُو عَلِيٍّ نَيْسَابُورَ أَمِيرًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
وَكَانَ أَبُو عَلِيٍّ عَاقِلًا شُجَاعًا حَازِمًا، فَأَقَامَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، يَسْتَعِدُّ لِلْمَسِيرِ إِلَى جُرْجَانَ وَطَبَرِسْتَانَ، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute