وَكَانَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ بُوَيْهِ بِالْأَهْوَازِ، فَخَافَ أَنْ يَسِيرَ إِلَيْهِ الْبَرِيدِيُّ مِنَ الْبَصْرَةِ، فَكَتَبَ إِلَى أَخِيهِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ، وَهُوَ بِبَابِ إِصْطَخْرَ قَدْ عَادَ مِنْ أَصْبَهَانَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، فَلَمَّا أَتَاهُ كِتَابُ أَخِيهِ سَارَ إِلَيْهِ مُجِدًّا يَطْوِي الْمَنَازِلَ حَتَّى وَصَلَ إِلَى السُّوسِ، ثُمَّ سَارَ إِلَى وَاسِطَ لِيَسْتَوْلِيَ عَلَيْهَا إِذْ كَانَ قَدْ خَرَجَ عَنْ أَصْبَهَانَ، وَلَيْسَ لَهُ مُلْكٌ لِيَسْتَقِلَّ بِهِ، فَنَزَلَ بِالْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ، وَكَانَ البَّرِيدِيُّونَ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، فَاضْطَرَبَ رِجَالُ ابْنِ بُوَيْهِ، فَاسْتَأْمَنَ مِنْهُمْ مِائَةُ رَجُلٍ إِلَى الْبَرِيدِيِّ.
ثُمَّ سَارَ الرَّاضِي وَبُجْكُمُ مِنْ بَغْدَاذَ نَحْوَ وَاسِطَ لِحَرْبِهِ، فَخَافَ أَنْ يَكْثُرَ الْجَمْعُ عَلَيْهِ وَيَسْتَأْمِنَ رِجَالُهُ فَيَهْلَكُ ; لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ سَنَةٌ لَمْ يُنْفِقْ فِيهِمْ مَالًا، فَعَادَ مِنْ وَاسِطَ إِلَى الْأَهْوَازِ ثُمَّ إِلَى رَامَهُرْمُزَ.
ذِكْرُ مُلْكِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ أَصْبَهَانَ
وَفِيهَا عَادَ رُكْنُ الدَّوْلَةِ فَاسْتَوْلَى عَلَى أَصْبَهَانَ، سَارَ مِنْ رَامَهُرْمُزَ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَأَخْرَجَ عَنْهَا أَصْحَابَ وَشْمَكِيرَ وَقَتَلَ مِنْهُمْ، وَاسْتَأْسَرَ بِضْعَةَ عَشَرَ قَائِدًا، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ وَشْمَكِيرَ كَانَ قَدْ أَنْفَذَ عَسْكَرَهُ إِلَى مَاكَانَ نَجْدَةً لَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، فَخَلَتْ بِلَادُ وَشْمَكِيرَ مِنَ الْعَسَاكِرِ، (وَسَارَ رُكْنُ الدَّوْلَةِ إِلَى أَصْبَهَانَ، وَبِهَا نَفَرٌ يَسِيرٌ مِنَ الْعَسَاكِرِ) ، فَهَزَمَهُمْ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَكَاتَبَ هُوَ وَأَخُوهُ عِمَادُ الدَّوْلَةِ أَبَا عَلِيِّ بْنَ مُحْتَاجٍ يُحَرِّضَانِهِ عَلَى مَاكَانَ وَوَشْمَكِيرَ، وَيَعِدَانِهِ الْمُسَاعَدَةَ عَلَيْهِمَا، فَصَارَ بَيْنَهُمْ بِذَلِكَ مَوَدَّةٌ.
ذِكْرُ مَسِيرِ بُجْكُمَ نَحْوَ بِلَادِ الْجَبَلِ وَعَوْدِهِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ بُجْكُمُ مِنْ بَغْدَاذَ نَحْوَ بِلَادِ الْجَبَلِ، ثُمَّ عَادَ عَنْهَا.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ صَالَحَ هَذِهِ السَّنَةَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْبَرِيدِيَّ وَصَاهَرَهُ، وَتَزَوَّجَ ابْنَتَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْبَرِيدِيُّ يُشِيرُ عَلَيْهِ بِأَنْ يَسِيرَ إِلَى بِلَادِ الْجَبَلِ لِفَتْحِهَا وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا، وَيُعَرِّفَهُ أَنَّهُ إِذْ سَارَ إِلَى الْجَبَلِ سَارَ هُوَ إِلَى الْأَهْوَازِ وَاسْتَنْقَذَهَا مِنْ يَدِ ابْنِ بُوَيْهِ، فَاتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ، وَأَنْفَذَ إِلَيْهِ بُجْكُمُ خَمْسَمِائَةِ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ مَعُونَةً لَهُ، وَأَنْفَذَ إِلَيْهِ صَاحِبَهُ أَبَا زَكَرِيَّاءَ السُّوسِيَّ يَحُثُّهُ عَلَى الْحَرَكَةِ، وَيَكُونُ عِنْدَهُ إِلَى أَنْ يَرْحَلَ عَنْ وَاسِطَ إِلَى الْأَهْوَازِ.
وَسَارَ بُجْكُمُ إِلَى حُلْوَانَ، وَصَارَ أَبُو زَكَرِيَّاءَ السُّوسِيُّ يَحُثُّ ابْنَ الْبَرِيدِيِّ عَلَى الْمَسِيرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute