وَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ رَائِقٍ، سَارَ الْإِخْشِيدُ مِنْ مِصْرَ إِلَى دِمَشْقَ، وَكَانَ بِهَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزْدَادَ خَلِيفَةُ ابْنِ رَائِقٍ، فَاسْتَأْمَنَ إِلَى الْإِخْشِيدِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ دِمَشْقَ، فَأَقَرَّهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ نَقَلَهُ عَنْهَا إِلَى مِصْرَ وَجَعَلَهُ عَلَى شُرْطَتِهَا، وَيُقَالُ أَنْ لِابنِ رَائِقٍ شِعْرًا مِنْهُ:
يَصْفَرُّ وَجْهِي إِذَا تَأَمَّلَهُ ... طَرْفِي وَيَحْمَرُّ وَجْهُهُ خَجَلَا
حَتَّى كَأَنَّ الَّذِي بِوَجْنَتِهِ ... مِنْ دَمِ قَلْبِي إِلَيْهِ قَدْ نُقِلَا.
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهَا لِلرَّاضِي بِاللَّهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
ذِكْرُ عَوْدِ الْمُتَّقِي إِلَى بَغْدَاذَ، وَهَرَبِ الْبَرِيدِيِّ عَنْهَا
لَمَّا اسْتَوْلَى أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَرِيدِيُّ عَلَى بَغْدَاذَ، وَأَسَاءَ السِّيرَةَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ، نَفَرَتْ عَنْهُ قُلُوبُ النَّاسِ الْعَامَّةِ وَالْأَجْنَادِ، فَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ رَائِقٍ، سَارَعَ الْجُنْدُ إِلَى الْهَرَبِ مِنَ الْبَرِيدِيِّ، فَهَرَبَ خَجْخَجُ إِلَى الْمُتَّقِي، وَكَانَ قَدِ اسْتَعْمَلَهُ الْبَرِيدِيُّ عَلَى الرَّاذَانَاتِ وَمَا يَلِيهَا، ثُمَّ تَحَالَفَ تُوزُونُ وَنُوشْتِكِينُ وَالْأَتْرَاكُ عَلَى كَبْسِ أَبِي الْحُسَيْنِ الْبَرِيدِيِّ، فَغَدَرَ نُوشْتِكِينُ، فَأَعْلَمَ الْبَرِيدِيَّ الْخَبَرَ، فَاحْتَاطَ وَأَحْضَرَ الدَّيْلَمَ عِنْدَهُ، وَقَصَدَهُ تُوزُونُ، فَحَارَبَهُ الدَّيْلَمُ، وَعَلِمَ تُوزُونُ غَدْرَ نُوشْتِكِينَ بِهِ، فَعَادَ وَمَعَهُ جُمْلَةٌ وَافِرَةٌ مِنَ الْأَتْرَاكِ، وَسَارَ نَحْوَ الْمَوْصِلِ خَامِسَ رَمَضَانَ، فَقَوِيَ بِهِمُ ابْنُ حَمْدَانَ، وَعَزَمَ عَلَى الِانْحِدَارِ إِلَى بَغْدَاذَ، وَتَجَهَّزَ وَانْحَدَرَ هُوَ وَالْمُتَّقِي، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى أَعْمَالِ الْخَرَاجِ وَالضِّيَاعِ بِدِيَارِ مُضَرَ، وَهِيَ الرُّهَا وَحَرَّانُ وَالرَّقَّةُ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ طِيَّابٍ، وَسَيَّرَهُ مِنَ الْمَوْصِلِ.
وَكَانَ عَلَى دِيَارِ مُضَرَ أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُقَاتِلٍ خَلِيفَةً لِابْنِ رَائِقٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute