فَاقْتَتَلُوا، فَقُتِلَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ مُقَاتِلٍ، وَاسْتَوْلَى ابْنُ طِيَّابٍ عَلَيْهَا، فَلَمَّا قَارَبَ الْمُتَّقِي لِلَّهِ وَنَاصِرُ الدَّوْلَةِ بْنُ حَمْدَانَ بَغْدَاذَ، هَرَبَ أَبُو الْحُسَيْنِ مِنْهَا إِلَى وَاسِطَ، وَاضْطَرَبَتِ الْعَامَّةُ بِبَغْدَاذَ، وَنَهَبَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَكَانَ مَقَامُ أَبِي الْحُسَيْنِ بِبَغْدَاذَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَدَخَلَ الْمُتَّقِي لِلَّهِ إِلَى بَغْدَاذَ وَمَعَهُ بَنُو حَمْدَانَ فِي جُيُوشٍ كَثِيرَةٍ، وَاسْتَوْزَرَ الْمُتَّقِي أَبَا إِسْحَاقَ الْقَرَارِيطِيَّ، وَقَلَّدَ تُوزُونَ شُرْطَةَ جَانِبَيْ بَغْدَاذَ، وَذَلِكَ فِي شَوَّالٍ.
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ ابْنِ حَمْدَانَ وَالْبَرِيدِيِّ
لَمَّا هَرَبَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَرِيدِيُّ إِلَى وَاسِطَ، وَوَصَلَ بَنُو حَمْدَانَ وَالْمُتَّقِي إِلَى بَغْدَاذَ، خَرَجَ بَنُو حَمْدَانَ عَنْ بَغْدَاذَ نَحْوَ وَاسِطَ، وَكَانَ أَبُو الْحُسَيْنِ قَدْ سَارَ مِنْ وَاسِطَ إِلَيْهِمْ بِبَغْدَاذَ، فَأَقَامَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ بِالْمَدَائِنِ، وَسَيَّرَ أَخَاهُ سَيْفَ الدَّوْلَةِ وَابْنَ عَمِّهِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ حَمْدَانَ فِي الْجَيْشِ إِلَى قِتَالِ أَبِي الْحُسَيْنِ، فَالْتَقَوْا نَحْوَ الْمَدَائِنِ بِفَرْسَخَيْنِ، وَاقْتَتَلُوا عِدَّةَ أَيَّامٍ آخِرُهَا رَابِعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَكَانَ تُوزُونُ وَخَجْخَجُ وَالْأَتْرَاكُ مَعَ ابْنِ حَمْدَانَ، فَانْهَزَمَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى الْمَدَائِنِ، وَبِهَا نَاصِرُ الدَّوْلَةِ، فَرَدَّهُمْ وَأَضَافَ إِلَيْهِمْ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنَ الْجَيْشِ، فَعَاوَدُوا الْقِتَالَ، فَانْهَزَمَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَرِيدِيُّ، وَأُسِرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَعْيَانِ أَصْحَابِهِ، وَقُتِلَ جَمَاعَةٌ، وَعَادَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَرِيدِيُّ مُنْهَزِمًا إِلَى وَاسِطَ، وَلَمْ يَقْدِرْ سَيْفُ الدَّوْلَةِ عَلَى اتِّبَاعِهِ إِلَيْهَا ; لِمَا فِي أَصْحَابِهِ مِنَ الْوَهْنِ وَالْجِرَاحِ.
وَكَانَ الْمُتَّقِي قَدْ سَيَّرَ أَهْلَهُ مِنْ بَغْدَاذَ إِلَى سُرَّ مَنْ رَأَى، فَأَعَادَهُمْ، وَكَانَ أَعْيَانُ النَّاسِ قَدْ هَرَبُوا مِنْ بَغْدَاذَ، فَلَمَّا انْهَزَمَ الْبَرِيدِيُّ عَادُوا إِلَيْهَا، وَعَادَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ بْنُ حَمْدَانَ إِلَى بَغْدَاذَ، فَدَخَلَهَا ثَالِثَ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ الْأَسْرَى عَلَى الْجِمَالِ، وَلَمَّا اسْتَرَاحَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute