سَيْفُ الدَّوْلَةِ وَأَصْحَابُهُ، انْحَدَرُوا مِنْ مَوْضِعِ الْمَعْرَكَةِ إِلَى وَاسِطَ، فَرَأَوُا الْبَرِيدِيَّيْنَ قَدِ انْحَدَرُوا إِلَى الْبَصْرَةِ، فَأَقَامَ بِوَاسِطَ وَمَعَهُ الْجَيْشُ، وَسَنَذْكُرُ مِنْ أَخْبَارِهِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] .
وَلَمَّا عَادَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ إِلَى بَغْدَاذَ، نَظَرَ فِي الْعِيَارِ، فَرَآهُ نَاقِصًا، فَأَمَرَ بِإِصْلَاحِ الدَّنَانِيرِ، فَضَرَبَ دَنَانِيرَ سَمَّاهَا الْإِبْرِيزِيَّةَ، عِيَارُهَا خَيْرٌ مِنْ غَيْرِهَا، فَكَانَ الدِّينَارُ بِعَشَرَةِ دَارَهِمَ، فَبِيعَ هَذَا الدِّينَارُ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا.
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ الدَّيْلَمِ عَلَى أَذْرَبِيجَانَ
كَانَتْ أَذْرَبِيجَانُ بِيَدِ دَيْسَمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْكُرْدِيِّ، وَكَانَ قَدْ صَحِبَ يُوسُفَ بْنَ أَبِي السَّاجِ، وَخَدَمَ وَتَقَدَّمَ حَتَّى اسْتَوْلَى عَلَى أَذْرَبِيجَانَ، وَكَانَ يَقُولُ بِمَذْهَبِ الشُّرَاةِ هُوَ وَأَبُوهُ، وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَصْحَابِ هَارُونَ الشَّارِيِّ، فَلَمَّا قُتِلَ هَارُونُ، هَرَبَ إِلَى أَذْرَبِيجَانَ، وَتَزَوَّجَ ابْنَةَ رَئِيسٍ مِنْ أَكْرَادِهَا، فَوَلَدَتْ لَهُ دَيْسَمَ، فَانْضَمَّ إِلَى أَبِي السَّاجِ، فَارْتَفَعَ وَكَبُرَ شَأْنُهُ، وَتَقَدَّمَ إِلَى أَنْ مَلَكَ أَذْرَبِيجَانَ بَعْدَ يُوسُفَ بْنِ أَبِي السَّاجِ، وَكَانَ مُعْظَمُ جُيُوشِهِ الْأَكْرَادُ، إِلَّا نَفَرًا يَسِيرًا مِنَ الدَّيْلَمِ مِنْ عَسْكَرِ وَشْمَكِيرَ، أَقَامُوا عِنْدَهُ حِينَ صَحِبُوهُ إِلَى أَذْرَبِيجَانَ.
ثُمَّ إِنَّ الْأَكْرَادَ تَقَوَّوْا، وَتَحَكَّمُوا عَلَيْهِ، وَتَغَلَبُّوا عَلَى بَعْضِ قِلَاعِهِ وَأَطْرَافِ بِلَادِهِ، فَرَأَى أَنْ يَسْتَظْهِرَ عَلَيْهِمْ بِالدَّيْلَمِ، فَاسْتَكْثَرَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَكَانَ فِيهِمْ صُعْلُوكُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُسَافِرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ وَغَيْرُهُمَا، فَأَكْرَمَهُمْ دَيْسَمُ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ، وَانْتَزَعَ مِنَ الْأَكْرَادِ مَا تَغَلَّبُوا عَلَيْهِ مِنْ بِلَادِهِ، وَقَبَضَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute