للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ وَزِيرُهُ أَبَا الْقَاسِمِ عَلِيَّ بْنَ جَعْفَرٍ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ أَذْرَبِيجَانَ، فَسَعَى بِهِ أَعْدَاؤُهُ، فَأَخَافَهُ دَيْسَمُ، فَهَرَبَ إِلَى الطَّرْمِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ مُسَافِرٍ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ رَأَى ابْنَيْهِ وَهْسُوذَانَ وَالْمَرْزُبَانَ قَدِ اسْتَوْحَشَا مِنْهُ، وَاسْتَوْلَيَا عَلَى بَعْضِ قِلَاعِهِ، وَكَانَ سَبَبُ وَحْشَتِهِمَا سُوءَ مُعَامَلَتِهِ مَعَهُمَا وَمَعَ غَيْرِهِمَا، ثُمَّ إِنَّهُمَا قَبَضَا عَلَى أَبِيهِمَا مُحَمَّدِ بْنِ مُسَافِرٍ، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُ وَذَخَائِرَهُ، وَبَقِيَ فِي حِصْنٍ آخَرَ وَحِيدًا فَرِيدًا بِغَيْرِ مَالٍ وَلَا عُدَّةٍ، فَرَأَى عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ الْحَالَ، فَتَقَرَّبَ إِلَى الْمَزْرُبَانَ وَخَدَمَهُ وَأَطْعَمَهُ فِي أَذْرَبِيجَانَ، وَضَمِنَ لَهُ تَحْصِيلَ أَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ يَعْرِفُ هُوَ وُجُوهَهَا، فَقَلَّدَهُ وِزَارَتَهُ.

وَكَانَ يَجْمَعْهُمَا مَعَ الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ الشِّيعَةِ، فَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ جَعْفَرٍ كَانَ مِنْ دُعَاةِ الْبَاطِنِيَّةِ، وَالْمَزْرُبَانُ مَشْهُورٌ بِذَلِكَ، وَكَانَ دَيْسَمُ كَمَا ذَكَرْنَا يَذْهَبُ إِلَى مَذْهَبِ الْخَوَارِجِ فِي بُغْضِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ. فَنَفَرَ عَنْهُ مَنْ عِنْدَهُ مِنَ الدَّيْلَمِ، وَابْتَدَأَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ فَكَاتَبَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْتَوْحِشُ مِنْ دَيْسَمَ يَسْتَمِيلَهُ، إِلَى أَنْ أَجَابَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ، وَفَسَدَتْ قُلُوبُهُمْ عَلَى دَيْسَمَ، وَخَاصَّةً الدَّيْلَمُ، وَسَارَ الْمَرْزُبَانُ إِلَى أَذْرَبِيجَانَ، وَسَارَ دَيْسَمُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا الْتَقَيَا لِلْحَرْبِ عَادَ الدَّيْلَمُ إِلَى الْمَرْزُبَانِ، وَتَبِعَهُمْ كَثِيرٌ مِنَ الْأَكْرَادِ مُسْتَأْمِنِينَ، فَحَمَلَ الْمَرْزُبَانُ عَلَى دَيْسَمَ، فَهَرَبَ فِي طَائِفَةٍ يَسِيرَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى أَرْمِينِيَّةَ، وَاعْتَصَمَ بِحَاجِيقَ بْنِ الدِّيرَانِيِّ، لِمَوَدَّةٍ بَيْنِهِمَا، فَأَكْرَمَهُ وَاسْتَأْنَفَ دَيْسَمُ يُؤَلِّفُ الْأَكْرَادَ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ يُشِيرُونَ عَلَيْهِ بِإِبْعَادِ الدَّيْلَمِ لِمُخَالَفَتِهِمْ إِيَّاهُ فِي الْجِنْسِ وَالْمَذْهَبِ، فَعَصَاهُمْ وَمَلَّكَ الْمَرْزُبَانَ أَذْرَبِيجَانَ، وَاسْتَقَامَ أَمْرُهُ إِلَى أَنْ فَسَدَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَزِيرِهِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ.

وَكَانَ سَبَبُ الْوَحْشَةِ بَيْنَهُمَا أَنَّ عَلِيًّا أَسَاءَ السِّيرَةَ مَعَ أَصْحَابِ الْمَرْزُبَانِ، (فَتَضَافَرُوا عَلَيْهِ، فَأَحَسَّ بِذَلِكَ، فَاحْتَالَ عَلَى الْمَرْزُبَانِ) فَأَطْمَعَهُ فِي أَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ يَأْخُذُهَا لَهُ مِنْ بَلَدِ تِبْرِيزَ، فَضَمَّ جُنْدًا مِنَ الدَّيْلَمِ وَسَيَّرَهُمْ إِلَيْهَا، فَاسْتَمَالَ أَهْلَ الْبَلَدِ، فَعَرَّفَهُمْ أَنَّ الْمَرْزُبَانَ إِنَّمَا سَيَّرَهُ إِلَيْهِمْ لِيَأْخُذَ أَمْوَالَهُمْ، وَحَسَّنَ لَهُمْ قَتْلَ مَنْ عِنْدَهُمْ مِنَ الدَّيْلَمِ، وَمُكَاتَبَةَ دَيْسَمَ لِيَقَدُمَ عَلَيْهِمْ، فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>