وَكَاتَبَ دَيْسَمَ، وَوَثَبَ أَهْلُ الْبَلَدِ بِالدَّيْلَمِ فَقَتَلُوهُمْ، وَسَارَ دَيْسَمُ فِيمَنِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ مِنَ الْعَسْكَرِ إِلَى تِبْرِيزَ، وَكَانَ الْمَرْزُبَانُ قَدْ أَسَاءَ إِلَى مَنِ اسْتَأْمَنَ إِلَيْهِ مِنَ الْأَكْرَادِ، فَلَمَّا سَمِعُوا بِدَيْسَمَ أَنَّهُ يُرِيدُ تِبْرِيزَ سَارُوا إِلَيْهِ، فَلَمَّا اتَّصَلَ ذَلِكَ بِالْمَرْزُبَانِ، نَدِمَ عَلَى إِيحَاشِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ، ثُمَّ جَمَعَ عَسْكَرَهُ وَسَارَ إِلَى تِبْرِيزَ، فَتَحَارَبَ هُوَ وَدَيْسَمُ بِظَاهِرِ تِبْرِيزَ، فَانْهَزَمَ دَيْسَمُ وَالْأَكْرَادُ، وَعَادُوا فَتَحَصَّنُوا بِتِبْرِيزَ، وَحَصَرَهُمُ الْمَرْزُبَانُ وَأَخَذَ فِي إِصْلَاحِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ وَمُرَاسَلَتِهِ، وَبَذَلَ لَهُ الْأَيْمَانَ عَلَى مَا يُرِيدُهُ، فَأَجَابَهُ عَلِيٌّ: إِنَّنِي لَا أُرِيدُ مِنْ جَمِيعِ مَا بَذَلْتَهُ إِلَّا السَّلَامَةَ وَتَرْكَ الْعَمَلَ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ وَحَلَفَ لَهُ.
وَاشْتَدَّ الْحِصَارُ عَلَى دَيْسَمَ، فَسَارَ مِنْ تِبْرِيزَ إِلَى أَرْدَبِيلَ، (وَخَرَجَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ إِلَى الْمَزْرَبَانِ، فَسَارُوا إِلَى أَرْدَبِيلَ) وَتَرَكَ الْمَرْزُبَانُ عَلَى تِبْرِيزِ مَنْ يَحْصُرُهَا، وَحَصَرَ هُوَ دَيْسَمَ بِأَرْدَبِيلَ، فَلَمَّا طَالَ الْحِصَارُ عَلَيْهِ طَلَبَ الصُّلْحَ، وَرَاسَلَ الْمَرْزُبَانَ فِي ذَلِكَ، فَأَجَابَهُ إِلَيْهِ، فَاصْطَلَحَا وَتَسَلَّمَ الْمَرْزُبَانُ أَرْدَبِيلَ، فَأَكْرَمَ دَيْسَمَ وَعَظَّمَهُ، وَوَفَّى لَهُ بِمَا حَلَفَ لَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّ دَيْسَمَ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْمَرْزُبَانِ، فَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُسَيِّرَهُ إِلَى قَلْعَتِهِ بِالطَّرْمِ فَيَكُونَ فِيهَا هُوَ وَأَهْلُهُ، وَيَقْنَعَ بِمَا يَتَحَصَّلُ لَهُ مِنْهَا، وَلَا يُكَلِّفَهُ شَيْئًا آخَرَ، فَفَعَلَ الْمَرْزُبَانُ ذَلِكَ، وَأَقَامَ دَيْسَمُ بِقَلْعَتِهِ هُوَ وَأَهْلُهُ.
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ مُحْتَاجٍ عَلَى بَلَدِ الْجَبَلِ، وَطَاعَةِ وَشْمَكِيرَ لِلْسَامَانِيِّةِ
قَدْ ذَكَرْنَا سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] مَسِيرَ أَبِي عَلِيِّ بْنِ مُحْتَاجٍ صَاحِبِ جُيُوشِ خُرَاسَانَ لِلْسَامَانِيِّةِ إِلَى الرَّيِّ، وَأَخَذَهَا مِنْ وَشْمَكِيرَ، وَمَسِيرَ وَشْمَكِيرَ إِلَى طَبَرِسْتَانَ، وَأَقَامَ أَبُو عَلِيٍّ بِالرَّيِّ بَعْدَ مِلْكِهَا تِلْكَ الشَّتْوَةِ، وَسَيَّرَ الْعَسَاكِرَ إِلَى بَلَدِ الْجَبَلِ فَافْتَتَحَهَا، وَاسْتَوْلَى عَلَى زِنْكَانَ، وَأَبْهَرَ، وَقَزْوِينَ، وَقُمَّ، وَكَرَجَ، وَهَمَذَانَ، وَنَهَاوَنْدَ وَالدِّينَوَرَ إِلَى حُدُودِ حُلْوَانَ، وَرَتَّبَ فِيهَا الْعُمَّالَ، وَجَبَى أَمْوَالَهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute