وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ الْفَيْرُزَانِ بِسَارِيَةٍ، فَقَصَدَهُ وَشْمَكِيرُ وَحَصَرَهُ، فَسَارَ إِلَى أَبِي عَلِيٍّ وَاسْتَنْجَدَهُ، وَأَقَامَ وَشْمَكِيرُ مُتَحَصِّنًا بِسَارِيَةٍ، فَسَارَ إِلَيْهِ أَبُو عَلِيٍّ وَمَعَهُ الْحَسَنُ وَحَصَرَاهُ بِهَا سَنَةَ ثَلَاثِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] وَضَيَّقَ عَلَيْهِ، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ بِالْقِتَالِ كُلَّ يَوْمٍ، وَهُمْ فِي شِتَاءٍ شَاتٍ كَثِيرِ الْمَطَرِ، فَسَأَلَ وَشْمَكِيرُ الْمُوَاعَدَةَ، فَصَالَحَهُ أَبُو عَلِيٍّ، وَأَخَذَ رَهَائِنَهُ عَلَى لُزُومِ طَاعَةِ الْأَمِيرِ نَصْرِ بْنِ أَحْمَدَ السَّامَانِيِّ، وَرَحَلَ عَنْهُ إِلَى جُرْجَانَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، فَأَتَاهُ مَوْتُ الْأَمِيرِ نَصْرِ بْنِ أَحْمَدَ، فَسَارَ عَنْهَا إِلَى خُرَاسَانَ.
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ الْحَسَنِ بْنِ الْفَيْرُزَانِ عَلَى جُرْجَانَ
كَانَ الْحَسَنُ بْنُ الْفَيْرُزَانِ عَمَّ مَاكَانَ بْنِ كَالِي، وَكَانَ قَرِيبًا مِنْهُ فِي الشَّجَاعَةِ، فَلَمَّا قُتِلَ مَاكَانُ، رَاسَلَهُ وَشْمَكِيرُ لِيَدْخُلَ فِي طَاعَتِهِ، فَلَمْ يَفْعَلْ، وَكَانَ بِمَدِينَةِ سَارِيَةَ، وَصَارَ يَسُبُّ وَشْمَكِيرَ، وَيَنْسُبُهُ إِلَى الْمُوَاطَأَةِ عَلَى قَتْلِ مَاكَانَ، فَقَصَدَهُ وَشْمَكِيرُ، فَسَارَ الْحَسَنُ مِنْ سَارِيَةَ إِلَى أَبِي عَلِيٍّ صَاحِبِ جُيُوشِ خُرَاسَانَ، وَاسْتَنْجَدَهُ، فَسَارَ مَعَهُ أَبُو عَلِيٍّ مِنَ الرَّيِّ، فَحَصَرَ وَشْمَكِيرَ بِسَارِيَةَ، وَأَقَامَ يُحَاصِرُهُ إِلَى سَنَةِ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ [وَثَلَاثِمِائَةٍ] ، وَاصْطَلَحَا.
وَعَادَ أَبُو عَلِيٍّ إِلَى خُرَاسَانَ، وَأَخَذَ ابْنًا لِوَشْمَكِيرَ - اسْمُهُ سَالَارُ - رَهِينَةً، وَصَحِبَهُ الْحَسَنُ بْنُ الْفَيْرُزَانِ، وَهُوَ كَارِهٌ لِلصُّلْحِ، فَبَلَغَهُ وَفَاةُ السَّعِيدِ نَصْرِ بْنِ أَحْمَدَ صَاحِبِ خُرَاسَانَ، فَلَمَّا سَمِعَ الْحَسَنُ ذَلِكَ، عَزَمَ عَلَى الْفَتْكِ بِأَبِي عَلِيٍّ، فَثَارَ بِهِ وَبِعَسْكَرِهِ، فَسَلَّمَ أَبُو عَلَيٍّ، وَنَهَبَ الْحَسَنُ سَوَادَهُ، وَأَخَذَ ابْنَ وَشْمَكِيرَ، وَعَادَ إِلَى جُرْجَانَ فَمَلَكَهَا، وَمَلَكَ الدَّامَغَانَ وَسَمْنَانَ، وَلَمَّا وَصَلَ أَبُو عَلِيٍّ إِلَى نَيْسَابُورَ، رَأَى إِبْرَاهِيمَ بْنَ سِيمَجُورَ الدَّوَاتِيَّ قَدِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ بِهَا وَخَالَفَهُ، فَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ بَيْنَهُمْ فَاصْطَلَحُوا.
ذِكْرُ مِلْكِ وَشْمَكِيرَ الرَّيَّ
لَمَّا انْصَرَفَ أَبُو عَلِيٍّ إِلَى خُرَاسَانَ، وَجَرَى عَلَيْهِ مِنَ الْحَسَنِ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَعَادَ إِلَى جُرْجَانَ، سَارَ وَشْمَكِيرُ مِنْ طَبَرِسْتَانَ إِلَى الرَّيِّ، فَمَلَكَهَا وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَرَاسَلَهُ الْحَسَنُ بْنُ الْفَيْرُزَانِ يَسْتَمِيلُهُ، وَرَدَّ عَلَيْهِ ابْنَهُ سَالَارَ الَّذِي كَانَ عِنْدَ أَبِي عَلِيٍّ رَهِينَةً، وَقَصَدَ أَنْ يَتَقَوَّى بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute