يَنْتَقِلَ إِلَى الْبَرِيدِيِّ، فَسَارَ تُوزُونُ إِلَيْهِ جَرِيدَةً فِي مِائَتَيْ غُلَامٍ يَثِقُ بِهِمْ، وَكَبَسَهُ فِي فِرَاشِهِ لَيْلَةَ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ رَمَضَانَ، فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِ رَكِبَ دَابَّتَهُ بِقَمِيصٍ، وَفِي يَدِهِ لُتٌّ، وَدَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ قَلَيْلًا، ثُمَّ أُخِذَ وَحُمِلَ إِلَى تُوزُونَ فَحَمَلَهُ إِلَى وَاسِطَ، فَسَمَلَهُ وَأَعْمَاهُ ثَانِيَ يَوْمِ وُصُولِهِ إِلَيْهَا.
ذِكْرُ عَوْدِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ إِلَى بَغْدَاذَ وَهَرَبِهِ عَنْهَا
لَمَّا هَرَبَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا، لَحِقَ بِأَخِيهِ، فَبَلَغَهُ خِلَافُ تُوزُونَ وَخَجْخَجَ، فَطَمِعَ فِي بَغْدَاذَ، فَعَادَ وَنَزَلَ بِبَابِ حَرْبٍ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْمُتَّقِي لِلَّهِ يَطْلُبُ مِنْهُ مَالًا لِيُقَاتِلَ تُوزُونَ إِنْ قَصَدَ بَغْدَاذَ، فَأَنْفَذَ إِلَيْهِ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَفَرَّقَهَا فِي أَصْحَابِهِ، وَظَهَرَ مَنْ كَانَ مُسْتَخْفِيًا بِبَغْدَاذَ وَخَرَجُوا إِلَيْهِ، وَكَانَ وُصُولُهُ ثَالِثَ عَشَرَ رَمَضَانَ.
وَلَمَّا بَلَغَ تُوزُونَ وُصُولُ سَيْفِ الدَّوْلَةِ إِلَى بَغْدَاذَ، خَلَّفَ بِوَاسِطَ كَيَغْلَغُ فِي ثَلَاثِمِائَةِ رَجُلٍ وَأَصْعَدَ إِلَى بَغْدَاذَ، فَلَمَّا سَمِعَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ بِإِصْعَادِهِ، رَحَلَ مِنْ بَابِ حَرْبٍ فِيمَنِ انْضَمَّ إِلَيْهِ مِنْ أَجْنَادِ بَغْدَاذَ، وَفِيهِمُ الْحَسَنُ بْنُ هَارُونَ.
ذِكْرُ إِمَارَةِ تُوزُونَ
قَدْ ذَكَرْنَا مَسِيرَ سَيْفِ الدَّوْلَةِ مِنْ بَغْدَاذَ، فَلَمَّا فَارَقَهَا دَخَلَهَا تُوزُونُ، وَكَانَ دُخُولُهُ بَغْدَاذَ فِي الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ، فَخَلَعَ عَلَيْهِ الْمُتَّقِي لِلَّهِ، وَجَعَلَهُ أَمِيرَ الْأُمَرَاءِ، وَصَارَ أَبُو جَعْفَرٍ الْكَرْخِيُّ يَنْظُرُ فِي الْأُمُورِ، كَمَا كَانَ الْكُوفِيُّ يَنْظُرُ فِيهَا.
وَلَمَّا سَارَ تُوزُونُ عَنْ وَاسِطَ، أَصْعَدَ إِلَيْهَا الْبَرِيدِيُّ، فَهَرَبَ مَنْ بِهَا مِنْ أَصْحَابِ تُوزُونَ إِلَى بَغْدَاذَ، وَلَمْ يُمَكِّنْ تُوزُونَ الْمُبَادَرَةَ إِلَى وَاسِطَ إِلَى أَنْ تَسْتَقِرَّ الْأُمُورُ بِبَغْدَاذَ، فَأَقَامَ إِلَى أَنْ مَضَى بَعْضُ ذِي الْقِعْدَةِ.
وَكَانَ تُوزُونُ قَدْ أَسَرَ غُلَامًا عَزِيزًا عَلَى سَيْفِ الدَّوْلَةِ قَرِيبًا مِنْهُ، يُقَالُ لَهُ ثِمَالٌ، فَأَطْلَقَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute