للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَكْرَمَهُ وَأَنَفَذَهُ إِلَيْهِ، فَحَسُنُ مَوْقِعُ ذَلِكَ مِنْ بَنِي حَمْدَانَ، ثُمَّ إِنَّ تُوزُونَ انْحَدَرَ إِلَى وَاسِطَ لِقَصْدِ الْبَرِيدِيِّ، فَأَتَاهُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ شَيْرَزَادَ (هَارِبًا مِنَ الْبَرِيدِيِّ) ، فَقَبِلَهُ وَفَرِحَ بِهِ، وَقَلَّدَهُ أُمُورَهُ كُلَّهَا.

ذِكْرُ مَسِيرِ صَاحِبِ عَمَّانَ إِلَى الْبَصْرَةِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ، سَارَ يُوسُفُ بْنُ وَجِيهٍ صَاحِبُ عَمَّانَ فِي مَرَاكِبَ كَثِيرَةٍ يُرِيدُ الْبَصْرَةَ، وَحَارَبَ الْبَرِيدِيَّ (فَمَلَكَ الْأُبُلَّةَ) ، وَقَوِيَ قُوَّةً عَظِيمَةً، وَقَارَبَ أَنْ يَمْلِكَ الْبَصْرَةَ، فَأَشْرَفَ الْبَرِيدِيُّ وَإِخْوَتُهُ عَلَى الْهَلَاكِ.

وَكَانَ لَهُ مَلَّاحٌ يُعْرَفُ بِالرَّنَّادِيِّ، فَضَمِنَ لِلْبَرِيدِيِّ هَزِيمَةَ يُوسُفَ، فَوَعَدَهُ الْإِحْسَانَ الْعَظِيمَ، وَأَخَذَ الْمَلَّاحُ زَوْرَقَيْنِ فَمَلَأَهُمَا سَعَفًا يَابِسًا، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَحَدٌ، وَأَحْدَرَهُمَا فِي اللَّيْلِ حَتَّى قَارَبَ الْأُبُلَّةَ.

وَكَانَتْ مَرَاكِبُ ابْنُ وَجِيهٍ تُشَدُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ (فِي اللَّيْلِ) ، فَتَصِيرُ كَالْجِسْرِ، فَلَمَّا انْتَصَفَ اللَّيْلُ، أَشْعَلَ ذَلِكَ الْمَلَّاحُ النَّارَ فِي السَّعَفِ الَّذِي فِي الزَّوْرَقَيْنِ، وَأَرْسَلَهُمَا مَعَ الْجَزْرِ وَالنَّارُ فِيهِمَا، فَأَقْبَلَا أَسْرَعَ مِنَ الرِّيحِ، فَوَقَعَا فِي تِلْكَ السُّفُنِ وَالْمَرَاكِبِ، فَاشْتَعَلَتْ وَاحْتَرَقَتْ قُلُوسُهَا، وَاحْتَرَقَ مَنْ فِيهَا، وَنَهَبَ النَّاسُ مِنْهَا مَالًا عَظِيمًا، وَمَضَى يُوسُفُ بْنُ وَجِيهٍ هَارِبًا فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، (وَأَحْسَنَ الْبَرِيدِيُّ إِلَى ذَلِكَ الْمَلَّاحِ) ، وَفِي هَذِهِ الْفِتْنَةِ هَرَبَ ابْنُ شَيْرَزَادَ (مِنَ الْبَرِيدِيِّ) وَأَصْعَدَ إِلَى تُوزُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>