وَتَدْبِيرَ مَمْلَكَتِهِ إِلَى أَبِي الْفَضْلِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَاكِمِ، وَصَدَرَ عَنْ رَأْيِهِ.
وَلَمَّا وَلِيَ نُوحٌ، هَرَبَ مِنْهُ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَوَيْهِ، وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِ أَبِيهِ، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ السَّعِيدَ نَصْرًا كَانَ قَدْ وَلَّى ابْنَهُ إِسْمَاعِيلَ بُخَارَى، وَكَانَ أَبُو الْفَضْلِ يَتَوَلَّى أَمْرَهُ وَخِلَافَتَهُ، فَأَسَاءَ السِّيرَةَ مَعَ نُوحٍ وَأَصْحَابِهِ، فَحَقَدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، ثُمَّ تُوُفِّيَ إِسْمَاعِيلُ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ.
وَكَانَ نَصْرٌ يَمِيلُ إِلَى أَبِي الْفَضْلِ وَيُؤْثِرُهُ، فَقَالَ لَهُ: إِذَا حَدَثَ عَلَيَّ حَادِثُ الْمَوْتِ فَانْجُ بِنَفْسِكَ، فَإِنِّي لَا آمَنُ نُوحًا عَلَيْكَ، فَلَمَّا مَاتَ الْأَمِيرُ نَصْرٌ، سَارَ أَبُو الْفَضْلِ مِنْ بُخَارَى وَعَبَرَ جَيْحُونَ، وَوَرَدَ آمُلَ، وَكَاتَبَ أَبَا عَلِيِّ بْنَ مُحْتَاجٍ وَهُوَ بِنَيْسَابُورَ، يُعَرِّفُهُ الْحَالُ، وَكَانَ بَيْنَهُمَا مُصَاهَرَةٌ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو عَلِيٍّ يَنْهَاهُ عَنِ الْإِلْمَامِ بِنَاحِيَتِهِ لِمَصْلَحَةٍ.
ثُمَّ إِنَّ الْأَمِيرَ نُوحًا أَرْسَلَ إِلَى أَبِي الْفَضْلِ كِتَابَ أَمَانٍ بِخَطِّهِ، فَعَادَ إِلَيْهِ فَأَحْسَنَ الْفِعْلَ مَعَهُ، وَوَلَّاهُ سَمَرْقَنْدَ وَكَانَ أَبُو الْفَضْلِ مُعْرِضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَاكِمِ، وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ، وَيُسَمِّيهِ الْخَيَّاطَ، فَأَضْمَرَ الْحَاكِمُ بُغْضَهُ وَالْإِعْرَاضَ عَنْهُ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي الْمُحَرَّمِ وَصَلَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَحَارَبَ الْبَرِيدِيِّينَ، وَأَقَامَ عَلَيْهِمْ مُدَّةً، ثُمَّ اسْتَأْمَنَ جَمَاعَةٌ مِنْ قُوَّادِهِ إِلَى الْبَرِيدِيِّينَ، فَاسْتَوْحَشَ مِنَ الْبَاقِينَ، فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ.
وَفِيهَا تَزَوَّجَ الْأَمِيرُ أَبُو مَنْصُورِ بْنُ الْمُتَّقِي لِلَّهِ بِابْنَةِ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ، وَكَانَ الصَّدَاقُ أَلْفَ أَلْفِ دَرْهَمٍ، وَالْحِمْلُ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ.
وَفِيهَا قَبَضَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ عَلَى الْوَزِيرِ أَبِي إِسْحَاقَ الْقَرَارِيطِيِّ، وَرَتَّبَ مَكَانَهُ أَبَا الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانَيَّ فِي رَجَبٍ، وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ هُوَ الَّذِي يُدَبِّرُ الْأُمُورَ، وَكَانَتْ وِزَارَةُ الْقَرَارِيطِيِّ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ يَوَمًا، وَكَانَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ يَنْظُرُ فِي قِصَصِ النَّاسِ وَتُقَامُ الْحُدُودُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَيَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ صَاحِبُ الشُّرْطَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute